المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صنعاء تحتفل بتوطين زراعة القوقعة لأول مرة في اليمن    3923 خريجاً يؤدون امتحان مزاولة المهنة بصنعاء للعام 2025    العليمي يشيد بجهود الأشقاء في المملكة من أجل خفض التصعيد في حضرموت والمهرة    حلف قبائل حضرموت يؤيد بيان السلطة المحلية وقرارات المجلس الانتقالي الجنوبي    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بالفيديو .. وزارة الداخلية تعلن دعمها الكامل لتحركات المجلس الانتقالي وتطالب الرئيس الزبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي    الإعلامية مايا العبسي تعلن اعتزال تقديم برنامج "طائر السعيدة"    الصحفي والمناضل السياسي الراحل عبدالرحمن سيف إسماعيل    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    الرياض: تحركات مليشيا الانتقالي تصعيد غير مبرر وتمت دون التنسيق معنا    ويتكوف يكشف موعد بدء المرحلة الثانية وحماس تحذر من خروقات إسرائيل    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    شرعية "الروم سيرفس": بيع الوطن بنظام التعهيد    الجنوب العربي: دولة تتشكل من رحم الواقع    بيان بن دغر وأحزابه يلوّح بالتصعيد ضد الجنوب ويستحضر تاريخ السحل والقتل    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    حضرموت.. قتلى وجرحى جراء اشتباكات بين قوات عسكرية ومسلحين    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    ذمار.. مقتل مواطن برصاص راجع إثر اشتباك عائلي مع نجله    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    النائب العام يأمر بالتحقيق في اكتشاف محطات تكرير مخالفة بالخشعة    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    مؤسسة الاتصالات تكرم أصحاب قصص النجاح من المعاقين ذوي الهمم    شباب عبس يتجاوز حسيني لحج في تجمع الحديدة وشباب البيضاء يتجاوز وحدة حضرموت في تجمع لودر    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    الرئيس الزُبيدي: نثمن دور الإمارات التنموي والإنساني    الدولار يتجه نحو أسوأ أداء سنوي له منذ أكثر من 20 عاما    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    لملس يتفقد سير أعمال تأهيل مكتب التعليم الفني بالعاصمة عدن    أبناء العمري وأسرة شهيد الواجب عبدالحكيم فاضل أحمد فريد العمري يشكرون رئيس انتقالي لحج على مواساته    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرآن طريق الخروج من الظلمات
نشر في الجمهورية يوم 12 - 09 - 2012

لقد حدد القرآن و بوضوح كبير الحقوق التي تتولد عن حق حماية العرض أي الكرامة و ذلك قبل ما يزيد عن اربعة عشر قرنا من اهتمام العرض الحديث بحقوق الانسان و التي قد تشمل بعض الحقوق المتولدة من حق حماية العرض.
فوفقا للقرآن ان اول و أهم الحقوق المرتبطة بحق العرض أي الكرامة الانسانية هو حق الانتماء الى اسرة. و الدليل على ذلك ان العلاقة بين الوالدين و الأولاد اتت في القرآن من حيث الترتيب والأهمية بعد حق الله تعالى. قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151). «واذ اخذنا ميثاق بني اسرائيل لا تعبدون الا الله وبالوالدين احسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا واقيموا الصلاة واتوا الزكاة ثم توليتم الا قليلا منكم وانتم معرضون». وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137). وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24).
فالانسان الذي لا يعرف أصله فإنه لا كرامة له. و لا يقتصر الأمر على الاولاد فإن الاسرة مفيدة للوالدين. ذلك انهما يحتاجان لأولادهما عندما يبلغان من العمر عتيا فلا يستطيعان ان يهتما بأنفسهما و اذا طلبا مساعدة الاخرين فإن ذلك يمثل انتقاصا لكرامتهما. اما اذا اعتمدا على اولادهما فإن كرامتهما محفوظة فما يقدمه لهما اولادهما ليس سوى رد ما قدماه لهم من قبل.
و من اجل ذلك فإن الله نهى الوالدين ان يتسببا في قتل اولادهم خشية الفقر. فإن فعل ذلك هو الفقر ذاته. و من ثم فإن من يخاف من الفقر المتوقع و يقتل اولاده فإنه في حقيقة الأمر يقع في الفقر المحقق. ذلك ان من يقتل نفسا من اجل الحصول على نصيبها من الرزق فإنه في حقيقة الأمر يقتل نفسه. فقد كان هو طفلا من قبل و إذا حق له ان يقتل اولاده بسبب الفقر فانه كان يحق لوالديه ان يقتلوه وبالتالي ما كان ليكون موجودا. هذا من ناحية ومن ناحي اخرى فإنه يبرر لأولاده ان يقتلوه عندما يرد الى ارذل العمر. ففي هذه الحالة فإنه يكون في حالة فقر مؤكد. فتبرير الفقر لقتل اي انسان يعني من حيث المبدأ تبرير قتل كل الناس. فما من انسان في الغالب الا و قد يكون فقيرا. وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خطئا كَبِيرًا (31).
هذا من جانب و من جانب آخر فان الأولاد يعتزون بمعرفة اصولهم أي ابناؤهم سواء من المباشرين او ابائهم. فإلانسان أي انسان يهتم بمعرفة أصوله أيا كانت لأن ذلك يفسر و لو على الاقل جزءاً من شخصيته. بل انه و في العصر الحديث و بعد اكتشاف الشفرة الوراثية فإنه اصبح بالإمكان التبوؤ ببعض المشاكل الصحية مقدما و بالتالي الاستفادة من ذلك في تجنب العديد من المخاطر. «فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين».
و من اجل ذلك فإن القرآن قد حرم نسبة الأولاد الى غير آبائهم الحقيقيين اذ يقول الله تعالى في سورة الأحزاب« ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه و ما جعل ازواجكم اللائي تظاهرون منهن امهاتكم و ما جعل ادعياءكم ابناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل (4) ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله فان لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين و مواليكم و ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به و لكن ما تعمدت قلوبكم و كان الله غفورا رحيما.
ان حق الانتساب الى الأب الحقيقي حق لكل انسان لأن ذلك يحدد شخصيته الحقيقية و بالتالي يحدد عرضه الحقيقي. فاذا تم تجاهل ذلك فإن الانسان يصبح غريبا في مجتمعه و غير معروف و من ثم فإن ذلك قد يؤدي الى اساءة الظن به تحت عدم معرفة اصله». الرعد (آية:38): «ولقد ارسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم ازواجا وذرية وما كان لرسول ان يأتي بآية الا بإذن الله لكل اجل كتاب».
يقول الله تعالى في سورة الحجرات «يا أيها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم و لا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن و لا تلمزوا انفسكم و لا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان و من لم يتب فأولئك هم الظالمون» (11). «يا أيها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم و لا تجسسوا و لا يغتب بعضكم بعضا أيحب احدكم ان يإكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه و اتقوا الله ان الله تواب رحيم» (12).« يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر و انثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير» (13).
ان الحفاظ على انسان أمر مهم لحماية كرامة الانسان اي عرضه. ولكن ذلك لا ينبغي ان يؤدي الى التفاخر. فالتفاخر الحقيقي هو بالعمل الصالح و المثمر و المفيد و هذا العمل في حقيقة الأمر يصدر من الانسان ذاته و بالتالي فإنه هو الذي يقيم وفقا لذلك و ليس اصوله او فروعه.
و من اجل ذلك فقد حرم الله الزنا. اذ بقول وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً (32). «ووصينا الانسان بوالديه حسنا وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما الي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون». «ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن وفصاله في عامين ان اشكر لي ولوالديك الي المصير. «ووصينا الانسان بوالديه احسانا حملته امه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة قال رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه واصلح لي في ذريتي اني تبت اليك واني من المسلمين». الفرقان (آية:68): «والذين لا يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما».
الزنا يؤدي الى اختلاط الانساب و بالتالي المسئولية مما يؤدي الى اهدار حقوق الاطفال ووضعهم في مواقف لا يرغبون بها و ليس لهم دخل فيها. ان الزنا في حقيقة الأمر فاحشة لأنه يحمل الآخرين وخصوصا الاطفال وزر آبائهم. و هو كذلك طريق غير سوي للتعبير عن المشاعر الانسانية النبيلة. فالزواج يمكن من ذلك و يحفظ في نفس الوقت حقوق الآخرين من خلال إلزام الوالدين بتحمل مسئولية تصرفاتهما. نحل (آية:72): «والله جعل لكم من انفسكم ازواجا وجعل لكم من ازواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون». طه (آية:53): «الذي جعل لكم الارض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وانزل من السماء ماء فأخرجنا به ازواجا من نبات شتى». الروم (آية:21): «ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمه ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون». فاطر (آية:11): «والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم ازواجا وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره الا في كتاب ان ذلك على الله يسير». الشورى (آية:11): «فاطر السماوات والارض جعل لكم من انفسكم ازواجا ومن الانعام ازواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير».
و من أجل الحفاظ على كرامة الانسان و عرض فقد حرم القرآن الزنا. ووضع لمن يمارسه عقوبات مادية و معنوية كبيرة». النور (آية:2): الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفه من المؤمنين». النور (آية:3): «الزاني لا ينكح الا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان او مشرك وحرم ذلك على المؤمنين». النساء (آية:15): واللائي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن اربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت او يجعل الله لهن سبيلا». الاعراف (آية:80): «ولوطا اذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من احد من العالمين».
فالزنا يؤدي حتما الى تفكك المجتمع و الأسرة و انتشار الامراض المادية و المعنوية و يؤثر حتما على كل متطلبات المجتمع المستقر. انه سبب من اسباب الفقر. ذلك ان الوالدين يتخليان عن اولادهما ويرميانهم بالشوارع أو في دور الحضانة العامة. و في حالة كثيرة فإن الاب يتخلى عن مسئولية اولاده و يرمي ذلك على كواهل الامهات. و اذا كانت الامهات فقراء من حيث المبدأ فان ذلك يؤدي الى تضاعف اثار ظاهرة الفقر. النور (آية:19): «ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والأخرة والله يعلم وانتم لا تعلمون». النمل (آية:54): «ولوطا اذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وانتم تبصرون». العنكبوت» (آية:28): «ولوطا اذ قال لقومه انكم لتاتون الفاحشة ما سبقكم بها من احد من العالمين».
و لا شك ان ذلك حقيقة طبيعية يدركها كل الامم بمختلف تنوعاتهم. فما من أمة تقبل بالزنا. لكن هناك من يتحايل على تعريفه فلا يدرج فيه بعض من يحمل جل أوصافه. و لذلك فإن هذه الأمم تعاني حتى الآن من ضعف في كرامة الإنسان و من تراخ في حماية عرض الانسان.
بعد حق تكوين الاسرة و الانتماء إليها فإن حق الوطن يأتي في المرتبة الثانية. فمن لا أسرة له لا انتماء له و بالتالي فلا معنى ان يكون له وطن. و على هذا الاساس فإن كرامته تكون ناقصة. و كذلك فإن من له اسرة فإن انتماءه لا يتحقق و لا يكتمل الا في حال كونه يمتلك وطناً. فقد يكون الانسان حيا و قد يكون للانسان مال و بالتالي فإنه يمكن القول بأنه قد تمتع بحق حماية الحياة و حق حماية المال. لكن ذلك لا يعطي للانسان الكرامة الكاملة و بالتالي فإنه يظل ناقصا احد الحقوق الاساسية أي حماية العرض أي حق الاعتراف له بالكرامة و توفير القدر الكافي من الحماية للعرض.
فالانسان الذي يعيش في أوطان الآخرين و لا يحق له ان يكون مواطنا فيه فإن كرامته ناقصة مهما سمح له ان يعمل و ان يكسب المال. ذلك انه يخضع لقيود لا يخضع لها المواطنون. فهناك بعض الاعمال التي لا يحق له القيام بها و هناك بعض التصرفات التي لا يجرؤ على القيام بها مثل التظاهر و التصويت و النقد و المشاركة في الانظمة الاساسية التي تنظم العمل في هذا الوطن.
و بالمثل فإنه لا يحق له الترشح لبعض المناصب التي تملأ حصرا من المواطنين الذين قد يكون اكفأ منهم في تبوئها. فما عليه الأ ان يقبل القوانين القائمة و لا يحق له حتى مجرد الاعتراض عليها. بل إن عليه في كثير من الاحيان ان يحترم حتى العادات و التقاليد وخصوصا تلك المرتبطة بالدين او الثقافة حتى لو كان دينه مغايراً لها و كان يتبنى ثقافة مختلفة. و على هذا الاساس فإن عليه ان لا يحاول الاندماج بالحياة العامة الا من خلال تبني ما هو قائم و القبول به و بدون اعتراض.
المواطن يحق له التنقل في موطنه و بدون قيود و لا فيزا و لا اذن مسبق و لا يحق لأي احد ان يعرقل ذلك حتى من ينتمي الى السلطات المختصة الا بإذن قضائي. و اذا ما كان ذلك المنع تعسفيا او غير مبرر فإنه يحق له مقاضاة من قام بذلك و بالتالي الحصول على تعويض كامل و اعتذار له و ربما معاقبة من تعمد القيام بذلك.
و لا شك ان ذلك يختلف عن حقوق المواطنين حتى أولئك الذين يختلفون في الدين و الثقافة فإن على بقية المواطنين ان يحترموا ذلك مقابل احترامهم لأديان و ثقافة الآخرين. و عندما يتم التعامل مع التعدد في الدين أو الثقافة على هذا النحو فإن ذلك يعني ان كرامة وعرض المواطنين متساوية و بالتالي تكون الكرامة محققة.
و في حالات كثيرة فقد يطلب ممن يعيش في غير وطنه ان يغادره في أي لحظة و في حالات كثيرة حتى و بدون انذار مسبق او تبرير. و قد لا يكون له حق الاعتراض على ذلك. و لا شك ان ذلك ينتقص من حق العرض و من حق الكرامة.
و يمكن توضيح ذلك على النحو التالي. فالوطن الى جانب الاسرة يعني حق التمتع بمسكن و ما يتبع ذلك من حقوق مرتبطة به لها علاقة بالموضوعات الاجتماعية و الاقتصادية و الدينية و السياسية و الثقافية. فالمنزل كامل الحقوق يعكس السيادة الكاملة للمواطن والتي لا تتحقق الا في ظل تمكين المواطن من منزل و ما يتمتع به ذلك المنزل من حماية مشتقة من حرمة هتك العرض الانساني.
لقد وضح القرآن ذلك و بشكل واضح و حدد الضمانات الكافية لاحترام ذلك و جعله واقعا ملموسا و ليس دعاية دينية او سياسية. «والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الانعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا الى حين».
فحق السكن هذا و بهذه المواصفات لا يمكن ان يتحقق الا في ظل الوطن. اما في غيره فقد يكون للانسان مسكن و لكن هذا المسكن يكون ناقص السيادة فقد يتم تفتيشه بحجة حصول ساكنيه على وثائق الاقامة و غير ذلك من الامور التي تبيح جزاء لا يستهان به من حرمة المساكن المقرة للمواطنين.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28).
ان هذه الحرمة للمساكن و هذه الحقوق لساكنيها في القرآن يجب ان توفر لكل صاحب منزل بغض النظر لكونه مواطنا بالمعنى الحديث او لم يكن. ان هذه الحقوق نابعة لساكن البيت على اعتباره بشرا ليس الا. والدليل على ذلك انه في حال خلو المساكن من البشر فإن حرمتها والقيود المترتبة على ذلك تقل بما يتوافق مع ذلك و مع العرض منها.« لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ» (29).
ففي هذه الاماكن فإن على الجميع ان يحافظوا على الآداب العامة المرتبة في عدم البحث عن اشياء لا تخصهم و تضايق غيرهم. قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31).
و من الوضح ان هذه الاخلاق و الآداب يجب على الجميع الالتزام بها سواء كانوا مسلمين او غير مسلمين لأن لها علاقة بالانسان اي انسان. و على هذا الاساس فانه لا يوجد في القرآن عرض اعلى من عرض و لا عرض اقل من عرض آخر. فالأعراض للبشر جميعا واحدة.
و من اجل حماية اعراض الجميع بغض النظر عن كونهم مسلمين او غير مسلمين او احرارا او أرقاء او خدما او وجهاء او رجالا او نساء فإنه لا بد من مراعة الدوافع التي قد تدفع البعض الى هتك اعراض الآخرين. و هنا فإن القرآن يثبت تميزه على كل القوانين و الثقافات الآخرى. انه ينص و بكل صراحة فإن من لا عرض له لن يحترم اعراض الاخرين. و من جعل الجميع يحترم العرض فإنه لا بد و ان يسمح له بل ان يمكن من ان يكون له عرض حتى يشعر بما يعني احترام العرض و ما يعني انتهاكه.
وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (33) وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلا مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (34).
و على هذا الاساس فإن التساهل في هتك عرض الآخرين يؤدي حتما الى انتهاك اعراض الجميع. فالعرض أي الكرامة بهذا المعنى القرآني مفهوم كلي لا يقبل التجزئة على الاطلاق. و من ثم فإنه على الجميع ان يحارب و يتعاون في منع ما يطلق عليه في الوقت الحاضر تجارة الرقيق الابيض اي الدعارة. فالبعض قد لا يحرك ساكنا اذا كان من يعمل في هذه الصناعة من مواطني دول أخرى او من عرقيات أخرى أو من اتباع اديان اخرى. فلا شك ان هذه العدوى تنتقل الى الجميع بشكل أو بآخر.
و على الرغم من أن القرآن قد اعتبر البيت المسكون هو بيت ذو سيادة الا انه قد اقترح على ساكنيه الطريقة المثلى للتعامل فيما بينهم حتى لا يفرض الرجال سلطاتهم عليه فيظلموا من يسكن معهم فيه. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاء ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء الَّلاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون (61).
لم يكتف القرآن هنا في تنظيم العلاقة بين من يسكن البيوت بشكل دائم و انما ايضا تعرض لمن يدخل البيوت و يسكنها لبعض الوقت. فلا شك ان لهؤلاء حقوقاً و لأصحاب البيوت حقوقاً فلا ينبغي ان تنتهك حقوق الجميع. و في هذه الآيات توازن عجيب بين هذه الحقوق. فإذا ما سمح صاحب البيت لهؤلاء بالدخول الى بيته فإنه لا يحق له ان يعاملهم مثل أولئك الذين لم يسمح لهم بالدخول. و على وجه الخصوص فإن هذه الآيات قد نظمت عمليات الأكل و التي هي المقصود من الدخل و سمحت بالأكل معا و ما يتطلبه ذلك من الاجتماع بين اصحاب المنزل والقادمين اليه. و في نفس الوقت فان على من يتميز بهذه الميزة ممن سمح له بالدخول الى المنزل و الاختلاط باهله ان يترفعوا في تعاملهم وتصرفات الى هذا المستوى فيحافظوا على اسرار البيوت و يعتبروها وكأنها بيوتهم لأنهم قد أكلوا و عاشوا و لو لبعض الوقت مع اهلها.
و في الآيات التالية يستكمل القرآن تحديد الحقوق المترتبة على العيش في اسرة واحدة و في وطن واحد و ذلك من خلال الحديث عن العلاقات التي يجب ان تعكس ذلك بين المواطنين و قادتهم. فهذه العلاقات ليست كالعلاقة التي تتم داخل الأسرة او في المجتمع بشكل عام لكنها ليست العلاقة التي تتم بين الحاكم و الرعية او بين الملوك والمملوكين. انها علاقة بين الاخوة و لكن مع الحفاظ على التميز المؤقت الذي حدث عندما اصبح بعض المواطنين مسئولين عن مهام معينة.
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (62) لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64). فاذا كان هذا الأمر مع سول الله محمد صلى الله عليه و سلم فإنه من باب الأولى مع غيره من ولاة الامور.
الوطن يكون وطنا عندما يتمتع كل ساكنيه بهذه الحقوق. و في هذه الحالة فانه لا يمكن ان ينقسم المواطنون الى مستضعفين ومستكبرين. و في الحالات التي يحدث فيها ذلك فان الوطن يفقد معناه و من ثم فإنه لا يكون وطنا و من ثم وجب البحث عن وطن آخر في أرض الله الواسعة. إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (100). وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (131) وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (135) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ (137). وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون. يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59) وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60).
فالوطن اذن ليس رقعة جغرافية حدث ان ولد الانسان فيها او حدث ان اجبر على العيش فيها. انه ببساطة كرامة و حماية للعرض. و اي مكان لا يتوفر فيه ذلك فهو ليس وطناً و انما هو مكان للعيش يشبه الى حد كبير القبور.
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.