كان الفعل متمثلاً بفيلم أنتج في الولاياتالمتحدةالأمريكية أساء إلى أشرف خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله بدين الإسلام إلى الناس كافة رحمة من الله سبحانه للعالمين جميعاً فجاء رد الفعل بصورة تظاهرات جماهيرية في العديد من عواصم ومدن عربية وإسلامية ضد الولاياتالمتحدة ممثلة بسفاراتها في تلك الدول تخلل بعضها أعمال عنف وتخريب في السفارات. وفي الحالتين كانت مبررات الفعل ورد الفعل هي حرية التعبير، ومثلما كانت المواقف السياسية الرسمية للإدارة الأمريكية التي أدانت الفيلم وأدانت أعمال التخريب، كذلك فعلت الحكومات العربية والإسلامية، حيث أدانت الفيلم وأعمال التخريب أيضاً. ولا يختلف الطرفان العربي والأمريكي الرسميان حول ضرورة احترام حقوق الإنسان ومنها حرية الرأي، وكلاهما متفقان على ضرورة منع التطرف، والحد منه. ومن أجل بلوغ التطابق في وجهات النظر والمواقف الرسمية المستوى المنشود والفاعل على الطرفين الأمريكي والعربي إدراك أن التطرف في حرية الرأي العربي والإسلامي لم يحدث إلا كرد فعل للطرف الأمريكي والغربي وليس العكس أبداً، وهذا لايقتصر على حادثة الفيلم المسيء والمتطرف وإنما هناك أحداث وممارسات متطرفة أمريكية أو غربية سببت ردود فعل متطرفة في الأقطار العربية والإسلامية وبالتالي فالبادئ أظلم حسب المثل العربي. فهل يخفى على أحد في الشرق أو الغرب بأن السبب الرئيسي والأول التطور ممارسات التطرف كان هو التطرف الأمريكي والغربي والتعصب الفاضح والعنصري لصالح مشروع الدولة الصهيونية الغاصبة والمحتلة لفلسطين وتطرفها ضد الحقوق والمقدسات والمصالح العربية والإسلامية في فلسطين والتطرف الفج استعمارياً وصهيونياً ضد الإسلام والمسلمين وابتزاز خيرات الشعوب العربية والإسلامية وفرض الهيمنة والوصاية المقيتة على هذه الشعوب ودعم حكوماتها الفاسدة والمستبدة تاريخياً والتآمر عليها باستمرار. ولا يكفي النص في الدساتير والقوانين الأمريكية والغربية على احترام الأديان وحرية الدين، وإنما تقتضي المسألة ضرورة النص إضافة إلى ذلك بتحريم الإساءة للأديان ورموزها واعتبار مثل تلك الممارسات تطرفاً يعاقب فاعله قضائياً ولا يبرر بحرية الرأي كما هو الآن. وكما أسلفنا القول بأن التطرف العربي والإسلامي يعود في الغالب لأسباب تكمن في الطرف الأمريكي خصوصاً والغربي والصهيوني عموماً ويأتي كرد فعل في معظم الحالات. ولاشك بأن الأسباب الأخرى هي محلية تتعلق بالعرب والمسلمين وترتبط بالمناهج التعليمية وارتفاع مستوى الأمية وفساد الأنظمة السياسية وغياب دور المثقفين والإعلاميين في التصدي الفاعل للقضايا الدينية بما في ذلك عدم إنتاج الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية التي تبين للشعوب الغربية والأمريكية وغيرها بما ينص عليه القرآن والأحاديث النبوية حول الرسل والأنبياء كموسى وعيسى، والعلاقة بين المسلمين وأهل الكتاب، وكيف أن المسلم مطالب بأن يؤمن بالأنبياء والرسل والكتب السماوية ولا يفرق بينهم، وإظهار الفرق بين المؤمنين من أهل الكتاب والكافرين والمشركين منهم. منطلقين من هدفين رئيسيين أولهما تطوير وسائل نشر الدعوة الإسلامية كمهمة على عاتق العرب والمسلمين، وثانيهما تطوير وسائل الحوار بين الأديان والتقارب بين الشعوب يحل الحوار بين الحضارات محل صدام الحضارات فيكتسب الصراع مضامينه الحضارية السلمية بعيداً عن التطرف والتعصب والعنصرية، وبزوال التطرف يزول التطرف. ولا ننسى بأن التطرف ضد الإسلام والمسلمين في الدول الأوروبية وأمريكا وصل حد تحريم الحجاب وحرمان المحجبات من التعليم والتوظيف بل والتسوق أو السياحة برغم مزاعمهم باحترام الأديان وحرية العقيدة، ألا يدعو هذا لحدوث ردود فعل متطرفة لفرض العكس في الدول العربية والإسلامية فيفرض الزي العرب والإسلامي على رعايا الدول الغربية الدبلوماسيين والسياح وغيرهم. ألم يدرك الغربيون بعد بأنهم القدوة عالمياً في ممارسة التطرف بكل أشكاله وصوره، ومتى سيدركون حقيقة أن فكرة إلغاء الآخر مستحيلة ولا طائل من ورائها. والمطلوب إيقاف تطرف الأنظمة المتقدمة ليتوقف التطرف في العالم. والله من وراء القصد