رحلة الرئيس هادي إلى أربع دول غربية هي أهم وأطول رحلة سيقضيها في فترته الرئاسية الانتقالية المنتهية في فبراير 2014، فالداخل اليمني طافح بكل التوترات والصراعات السياسية والقبيلة والحزبية بشقيها: المسلح والفكري، فهناك “طرف” تمدد وأوغل في صدر البلاد، وأوجعها بتحالفات سياسية وعسكرية أرهقت سمعة وخزينة اليمن. وأهمية زيارة الرئيس هادي للدول الأربع تأتي من كونها أهم دول مانحة لليمن – بعد الجارة السعودية – وأكثر الدول تأثيراً في القرار الدولي، فالمملكة المتحدة التي استهل بها هادي جولة زيارته، ذات حضور دولي فاعل وقد استضافت أكثر من مؤتمر بشأن اليمن، أهمها مؤتمر المانحين في أواخر 2006. وأمريكا هي سيدة القرار الدولي بالإجماع، وصاحبة القول الفصل في كثير من القضايا الدولية الشائكة، وهي من بيدها إقناع ودفع المانحين لرفع مستوى مساعداتهم لليمن، فضلاً عن كونها الشريك الأهم في مكافحة الإرهاب، ومستضيفة مؤتمر أصدقاء اليمن في نيويورك الخميس المقبل، وسيفتتح الرئيس هادي الاجتماع الوزاري لدول أصدقاء اليمن وفيه ستستكمل دول مانحة إعلان تعهداتها المالية لليمن خلال الفترة الانتقالية. فقد خرج مؤتمر الرياض أول هذا الشهر بدعم لليمن يقدر بأكثر من ستة مليارات ريال نصفها من الجارة السعودية، ومن المؤمل أن يتضاعف هذا الدعم في مؤتمر نيويورك، كي يتجاوز اليمن عثراته الاقتصادية والسياسية. وفرنسا هي الأخرى من أهم المانحين لليمن وأبرز المستثمرين فيها، في مجالات النفط والغاز. أما ألمانيا، الدولة التي ساندت اليمن منذ بواكير ثورة التغيير، فهي الدولة التي تحمل البُعد الإنساني في كل توجهاتها السياسية والاقتصادية، وكانت كلمات الرئيس هادي أثناء مغادرة صنعاء أمس الأول عن ألمانيا غاية في النبل، ورد الجميل: “سنزور ألمانيا الاتحادية خصوصا أنها من المانحين البارزين المساعدين لليمن في مساراته التنموية والاقتصادية ولها أيادٍ بيضاء ستظل في وجدان اليمنيين جميعاً عبر العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين الصديقين”. ولم ينسَ الرئيس هادي قبيل سفره ذلك القرار الحكيم/ المفزع، للموهمين بالقدرة على العبث بأمن واستقرار البلاد، فقد كان توقيت قرار تشكيل لجنة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان رائعاً، و"مفزعاً"، وقد وصلت رسالته واضحة وبالغة الدلالة. [email protected]