المسافة الزمنية بين الفنان الفلورنسي الإيطالي الكبير “ليوناردو دافنشي”، والفنان السريالي الإسباني المثير للجدل “سلفادور دالي” حددت علاقتهما المتباينة حول مفهومي الزمان والمكان، وكانت المرأة في قلب المعادلة، باعتبارها الترميز الأقصى للوجود، وبوصفها الحاضن الأكبر لمعطيات الحياة، في تمام دائريتها، وتنكُّباتها، وخفاياها الشفيفة الجميلة. لم تُشكل المرأة القاسم المشترك بينهما لمجرد كونها أُنثى، بل لكونها تعبيراً مؤكداً عن تعددية الدلالات والمعاني، خارج سفر التصنيف النمطي للأم والأخت والزوجة والحبيبة والعشيقة. عندما رسم “دافنشي” لوحة تمدده الكبير في تاريخ الفن« الموناليزا»، لم يكن يريد إنتاج الظاهر فحسب، بل كان يتخطّى مألوف المعاني التي درج عليها فنانو عصر النهضة الأوروبية، مُتجاوزاً الخطوط الحمراء للنزعة الأكاديمية المسيحية المدجَّجة بحراب الشريعة البابوية. عندما رسم سلفادور دالي معشوقته “جوليا” لم يرها بوصفها خطوطاً منحنية، وتجسدات متوهجة بعذوبة التكوين، بل كان يراها في اُفق يتسع لغيوب الشفق وألوان قوس قزح. تماماً كما فعل السينمائي الايطالي “فيسكونتي” المهجوس بالأنثى الحاملة للغنائية البصرية المُجسّدة في التكوين، والمُجرّدة عن التقييم. هنا القاسم المشترك في مرئيات دالي ودافنشي الوجودية .. ترميز لما يتجاوز الذات الأُنثوية المرئية، إلى الصفات الكلية.. فتأمّل يا صديقي.. [email protected]