إنه “الزعيم عبدالله السلال” وزعيم تعني آنذاك “رتبة رائد” في الجيش.. أما آخر رتبة له فهي “مشير” هذا الرجل من ر-جالات اليمن الرموز.. أسهم في الحركة الوطنية المعارضة لحكم الأسرة الحميدية، وكان من سجناء حجة الذين شاركوا في الحركة الدستورية فبراير شباط 1948م.. وقد ادخرته العناية الإلهية حين جنبته من سيف الجلاد الذي كان يحز رقاب الأحرار في “حجة” و “صنعاء” ليكون من خيار الضباط الأحرار لقيادة الثورة صبيحة يوم ال26 من سبتمبر 1962م. كان تنظيم الضباط الأحرار من الضباط الصغار.. وبحاجة إلى شخصية معروفة تحمل رتبة عالية في الجيش.. وبعد اعتذار “الجائفي” لم يجدوا سوى الرئيس “السلال” هذا الإنسان الذي قبل بأن يخرج من بيته صبيحة الثورة ملبياً دعوة الضباط الأحرار، وقَّبل ترشيحهم له قائداً للثورة كشخصية عسكرية معروفة، ورتبته كبيرة.. مع أن الثورة كانت في ساعاتها الأولى، ودار البشائر “حيث الإمام” مازالت تقاوم إلى جانب العديد من بيوت الأسرة المالكة.. ومع أن الموقف مازال غامضاً، ونجاح الثورة لم يكن قد لاح في الأفق.. إلا أن “السلال” قبل قيادة الثورة، حين ذهب إليه أحد الضباط الأحرار إلى المنزل عند الفجر ليعلمه بقرارهم.. وأوشك أن يخرج من البيت للالتحاق بالضباط الأحرار.. لكن الوضع لم يكن آمناً.. فأعيد إلى المنزل وأتوا له قرب الصباح بعربة جيش “مدرعة” لأن المقاومة كانت مستمرة. قبول “السلال” بقيادة الثورة.. كان موقفاً شجاعاً، وبطولياً.. وبالذات وكما ذكرت أن نجاح الثورة لم يكن قد اتضح، والمقاومة من كل بيوت الأسرة الحاكمة بل كان هناك ضابطين من الأحرار قد احتجزا في العرضي من قبل الجيش.. أي أن الجيش في العرضي، وكذا الحماية في قصر السلاح يرفضون التجاوب مع الثورة وعلى ولائهم للإمام الجديد الذي فر مع الصباح من دار البشائر.. متجهاً نحو المناطق الشمالية للاستنجاد بقبائلها.. كما فعل والده في 1948م. قبول “السلال” بقيادة الثورة يعد أهم عامل في نجاح الثورة فقد تم اقتحام العرضي، وتم فتح قصر السلاح بأوامره ، وانضم عدد من المشائخ إلى الثورة بعد معرفة أن السلال هو قائدها.. “السلال” قاد الثورة في أحلك وأعقد ظروفها.. وفي وقت كانت تعاني من تمردات قبلية بقيادة بقايا الأسرة الحميدية.. المدعومة من دول عربية وإسلامية والمدعومة من قوى دولية غربية.. بينما الثورة دعمت من مصر عبدالناصر ومن السوفيات، والصين لتصبح اليمن ساحة لصراع إقليمي ودولي معقد، إضافة إلى ساحة صراع داخل.. ووسط هذا الصراع الموقد استطاع السلال قيادة الثورة بحنكة وحكمة حتى لاحت بشائر نصرها، وبقائها.