يجب أن يعرف الجيل الحاضر أن هذا اليوم، وذاك العام هو تاريخ ميلاد اليمن الحديث والمعاصر الذي ينعمون بخيراته ومكتسباته وإنجازاته...هذا اليوم الخالد لم يأت من فراغ ولا صدفة، وإنما جاء بعد نضال ومعاناة مريرة في ظل الاستبداد الحميدي والاستعمار البريطاني، وبعد أن قدم شعبنا تضحيات جسيمة من خيرة رجاله وأبنائه الأحرار،الذين قضوا نحبهم بسيف الجلاد على مذابح الحرية، وبرصاص الاستعمار على طريق التحرير. كان الإمام أحمد يحيى حميد الدين يقبع في داره في العرضي “الآن متحف تعز”كالأسد في عرينه، رغم أن المرض قد هده بعد أن أصابته رصاصات ضابطين في مشفى الحديدة هما اللقية والعلفي ورفيقهم الثالث الهندوانة..وكان البدر”ولي العهد” في صنعاء..ونجاح الثورة مرهون بالقضاء على الاثنين معاً، حتى لا يقع الأحرار فيما وقع فيه رجالات 1948م1956م من فشل ويساقون للذبح بسيف الوشاح في الميادين العامة، لإرهاب الشعب وإثناء بقية الأحرار من التفكير في أية ثورة على الأسرة الحميدية. وشاء الله أن يموت الإمام أحمد في داره في تعز قبل أسبوع من الثورة 19سبتمبر 1962م..وقد نما إلى الضباط الأحرار أن أمره قد كشف لولي العهد البدر وسيسبق بسيفه لجز رؤوسهم..وبهذا كان السباق بين الأحرار من الضباط، وبين الإمام الجديد البدر كل يريد أن يسبق الآخر لينال منه، وفكر الضباط النيل من الإمام الجديد أثناء دفن الإمام الأب في صنعاء..لكن أجلوا الموعد، خشية أن يتحول الدفن إلى مجزرة للمواطنين الأبرياء، وحددوا صباح ال”26”من سبتمبر موعداً لإعلان الثورة، وكان السباق مستمراً حتى ذلك الصباح الموعد مع الحرية..إذا بمدافع الأحرار تنطلق صوب قصر الإمام “دار البشائر” والدبابات المجنزرة تخترق أبوابه، ليفر الإمام الجديد خارج صنعاء، وتفتح إذاعة صنعاء صباحاً ليعلن الأحرار سقوط الحكم الحميدي، وقيام الجمهورية .