أيش ذا يا عم علي.. ليش ذا؟    للمرة الأولى.. إيران تستخدم صاروخ "خيبر" ضد الكيان    إيران تطلق دفعتين صاروخيتين وإعلام إسرائيلي يتحدث عن دمار كبير    أيها الرئيس ترامب.. لا تنتحر    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (3)    العليمي وبن بريك والمعبقي يصادرون موارد الصناديق الإيرادية الجنوبية    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    السلبية تسيطر على ريفر بليت ومونتيري    الرئيس الزُبيدي يُعزّي الشيخ عبدالرب النقيب في وفاة شقيقه    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    ما السلاح الذي قصفت به أميركا منشآت إيران النووية؟    ترامب يفشل في الضربة الأولى والمنشآت النووية الإيرانية سليمة    ترامب يعلق مجددا على استهداف إيران    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    بتواطؤ حوثي.. مسلحون يحرقون منزلاً في محافظة إب بعد نهبه    الدفاعات الإيرانية تدمر 12 طائرة مسيرة صهيونية في همدان    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    ما وراء حرائق الجبال!!    حملة لازالة البساطين والعشوائيات في باب اليمن    محافظ تعز يبحث مع مسؤول أممي أزمة المياه والحلول الممكنة    تدشين الدورة الآسيوية لمدربي كرة القدم المستوى "C" بالمكلا    الرزامي يهاجم حكومة الرهوي: الركود يضرب الاسواق ومعاناة الناس تتفاقم وانتم جزء من العدوان    الطوارئ الإيرانية: إصابة 14 من طواقم الإسعاف وتضرر 7 سيارات جراء العدوان الصهيوني    الرهوي يشيد بجهود وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية    ليفاندوفسكي يحدد وجهته بعد حقبة برشلونة    إحباط عملية تفجير غربي إيران واعتقال عنصر مرتبط بالموساد    الشغدري يتفقّد مشاريع خدمية في دمت بالضالع    تشيلسي يقترب من إبرام صفقة مؤجلة    وزيرالكهرباء ومحافظ المحويت يناقشان أوضاع مشاريع المياه والصرف الصحي    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 21 يونيو/حزيران 2025    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين حروف الرازحي.. رحلة الى عمق النفس اليمني    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    مليشيا درع الوطن تنهب المسافرين بالوديعة    صنعاء .. موظفو اليمنية يكشفون عن فساد في الشركة ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة جحاف    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحرار يصنعون النصر
من«الجندرمه».. حتى «الثورة»
نشر في الجمهورية يوم 26 - 09 - 2009

ما إن وصل إسماعيل باشا حقي إلى اليمن كوالٍ تم تعيينه وإرساله من الاستانه في العام 1878م بعد خمس سنوات من مد الأتراك لنفوذهم في الداخل اليمني ابتداء من الحجرية وانتهاء بصعدة.. حتى بادر بتأسيس أول جيش نظامي في شمال اليمن كان يطلق عليه العوام«بالجندرمه» أما الوالي العثماني فقد أسماهم«حميديه» نسبة إلى السلطان عبدالحميد وقد اعتنى بتربيتهم وتهذيب عقولهم حتى كانوا يسمون بأولاد إسماعيل وقد كان يتكون من أربع كتائب.. كما تذكر المراجع التاريخية.. وعلى الرغم من أن السلطات التركية في القسطنطينية قد أمرت بتسريح ذلك الجيش إلا أن الأيام أثبتت الحاجة الماسة له ولذلك فقد تم إحياؤه من جديد وأصبحت هي القوة المسلحة الفاعلة.
وكان هذا الجيش يتكون من أنواع مختلفة من الرجال ومعظمهم أميون كبقية غالبية السكان إلا أن بعضهم كانوا معهم عائلات محترمة ولديهم درجة لأبأس بها من التعليم، وبالنسبة لزيهم الرسمي فقد كان عبارة عن مشدة زرقاء داكنة ومئزر وجاكيت ذي أزرار فضية إلا أن معظم الأفراد كانوا يفضلون لبس المئزر القبلي الأبيض المصنوع محلياً.
أما سلاحهم فهو نوع من بندقية«الميزر القديمة ذات مخزن الذخيرة الذي يحمل بين ثماني وعشر رصاصات حسب حالة نابض البندقية ويطلق هذا النوع من الميزر رصاصة يعقبها دخان كثيف من مسحوق الباروت وهذا أمر خطير معرقل في حرب الجبال.
وقد كان الجيش التركي الذي وصلت تقديراته في العام 1914م إلى خمسة آلاف فرد كان ضعيفاً للغاية وقد أرجع ذلك إلى تنظيمه المهلهل وماليته الضعيفة وللقلق السياسي في البلاد وكان أفراد ذلك الجيش وغالبيتهم من الأتراك يكرهون الخدمة في اليمن التي كانوا يعتبرونها بلاداً غريبة عليهم وكانوا دائماً يتمنون أن يتركوها في أقرب فرصة.
وفي هذا السياق هناك مقولة شهيرة لأحد القادة الأتراك جاء فيها مارأينا مسبقاً مثل اليمن لعسكرنا كلما جهزنا إليه عسكر ذاب ذوبان الملح ولايعود إلا الفرد النادر ومن ثمانين ألفاً من العسكر لم يبق منهم في اليمن إلا سبعة آلاف نفر».
الجيش المظفر
في أوج الحرب العالمية الأولى كان لزاماً على الأتراك أن يغيروا مسار بقائهم في اليمن، مما حدا بهم تسليم زمام الأمر ومقاليد الحكم للإمام يحيى حميدالدين الذي أدرك من الوهلة الأولى أهمية وجود جيش نظامي يسانده ويعزز سلطاته القمعية ونظامه المستبد.
وقد استعان الإمام يحيى بالضباط والجنود الذين تخلفوا في اليمن في تكوين جيشه وقد نظمت ذلك اتفاقية التعاون بين الإمام يحيى والقوات التركية المنسحبة التي نصت على موافقة ثلاثمائة جندي وضابط وإداري على البقاء لمساعدة الإمام في بناء جيشه الذي عرف فيما بعد بالجيش المظفر أو«الأزكي».
ومن خلال الثكنات العسكرية في صنعاء والتي تعرف باسم«العرضي» شرع الجنود الأترك في تأسيس الجيش الإمامي على نمط جيش «الجندرمه» السالف الذكر وتزامن ذلك مع دعوة الإمام إلى التجنيد وإلزام القبائل بالدفع بأعداد من رجالها إلى تلك الثكنات العسكرية واحتفل الإمام بتدشين خطوات الجيش الأولى عام9191م.
وقد تم تسليح الجيش ببنادق مختلفة الصنع وقد أمنتها اتفاقية الانسحاب التركي التي قضت بأن تترك القوات التركية مستودعات الجيش ومابها هذا أولاً وثانياً من المخازن الإمامية التي استطاع الإمام يحيى تجميعها عن طريق الشراء ومما غنمه من الأتراك خلال حروبه القديمة.. كما جاء في مذكرات ندوة تاريخ الثورة اليمنية
الذئب الأسود
وقد كان لزاماً على كل جندي ينخرط في ذلك الجيش المظفر أن يحضر كفيلاً يضمن بقاءه ودفع ثمن مابحوزة الجندي في حال أسر أو سلبت بندقيته! وتقرر لكل جندي راتب شهري قدره خمسة ريالات.
وقد اكتظت قاعات العرضي العارية بأولئك الجنود الذين أنهكهم البرد فلجأوا لسد نوافذ تلك القاعات العريضة بالأحجار بعد أن انتزع الإمام نوافذها الزجاجية لقصره الجديد!!
وقد عين الإمام يحيى الشريف عبدالله الضمين ليكون أول أمير للجيش وأمره بمباشرة التدريب وتعيين كنعان بك معلماً للجيش.. وأسندت معظم الوظائف القيادية لمن سبق وتلقوا تدريبهم في تركيا أو ممن تدربوا في المدرسة الحربية التركية بصنعاء.
وقد أدت تدريبات كنعان بك نتيجة لابأس بها وكان يمكن أن تكون النتائج أفضل لولا تعيين الإمام يحيى السيد علي بن ابراهيم معاوناً لأمير الجيش وكان هذا شخصاً شرساً ألحق أضراراً كبيرة بالجيش الفتي وقلل من قيمة التعليم وفوائده وأثار العصبية ضد كنعان بك ورفاقه مما حدا بهذا الأخير أن يرفع تقريراً إلى الإمام ولكن أنى يأتي الإنصاف من ظالم.. بيد أنه رفع من مكانة السيد علي بن ابراهيم«الذئب الأسود» كما تذكره المراجع التاريخية وجاء قرار الإمام بتعيينه أميراً للجيش؟! وهو المنصب الذي بقي فيه حتى قُتل من ولاه.. وقد استطاع«كنعان بك» وبقية الضباط من الأتراك واليمنيين أن يؤسسوا المدرسة الحربية «كلية التدريب العسكرية» إلا أن مضايقات أمير الجيش الجديد حالت دون تنفيذ مطالب كنعان بك التحديثية وقد جرد هذا الأخير من منصبه وحبس بقصر غمدان ثم نفي إلى تركيا.
وحل محله معلم جديد وفد من سوريا بطلب من الإمام يحيى عام 1932م يدعى حسن تحسين باشا الفقير الذي لم يدم طويلاً فقد اشتبك وأمير الجيش الذي أمر بتسفيره على الفور؟!
لم يظفر بقائد؟!
بعد أن توالت الهزائم على جيش الإمام يحيى فكر باستجلاب مدرب جديد للجيش من تركيا فكتب مناشداً «والآن وباسم الدين والروابط الوثيقة نترجاكم إرسال ضابط متزن ليقوم بماكان يقوم به كنعان.. فأرسلت له تركيا العقيد تريباك وكالعادة اصطدم بأمير الجيش فدفعه ذلك إلى تقديم استقالته ومغادرة اليمن.
وفي منتصف الثلاثينيات استجلب مدرب جديد للجيش من سوريا هو أركان حرب مصطفى وصفي باشا إلا أن رؤاه التحديثية لم توافق هوى النظام فقد أعيد حسن تحسين باشا الفقير ليكون بجوار مصطفى وصفي وكون الأول انتهازياً ومراوغاً كان دائم المديح للإمام عبر وسيطه ولي العهد أحمد.. وقد تسبب وجوده في عمل ازدواجية في عمل القائدين السوريين مما حدا بمصطفى وصفي أن يقدم استقالته.
وقد قدرت أعداد الجيش النظامي الجيش المظفر في عام 8391م بحوالي خمسة وعشرين ألف جندي.
الجيش الدفاعي
تم تكوين هذا الجيش الجديد في منتصف الثلاثينيات بعد أن أخمدت جميع التمردات القبلية تقريباً وكان الباعث الرئيسي لإنشائه هو شعور الإمام بعجز جيشه النظامي أمام التدخلات الأجنبية التي تعرض لها حكمه في النصف الأول من الثلاثينيات.
وفكرة ذلك الجيش قائمة على فرض الخدمة الاجبارية على جميع القادرين في البلاد وهذا بدوره قد أنزل المصائب بالناس فلم يتم حينها التفريق بين الصغار والكبار والشيوخ وأصحاب العاهات.
وتظهر كراهية المواطنين لذلك الجيش من اللقب الساخر الذي أطلق على الجندي المنتسب إليه فقد كان يطلقون عليه «علي فانيله.. وذلك لأن السيف عبدالله بعد أن رأى كساد بيع الفانيلات التي كانت تنتجها المدرسة الصناعية أمر ببيعها على أفراد ذلك الجيش وأطلق ذلك اللقب تندراً بين المعركة التي كانت تحدث بين الجندي والفانيلة عند ارتدائها وحيرته عن حك البراغيث.. فكيف يدخل يده لحكها والفانيلة ملتصقة بلحم جلده.
وقد أمضى تحسين باشا الفقير المدرب السوري العائد حوالي عشرة أعوام وهو يقوم بتدريب الألوف من الجنود وكلما انقضت دورة أعقبتها أخرى وفي كل دورة كان يدرب حوالي ألف وخمسمائة شخص.
وتتضح سوء معاملة الإمام يحيى للجيش الدفاعي عندما دفع في مطلع الحرب العالمية الثانية بخمسة آلاف جندي دفاعي إلى تعز لتأمين حدوده مع الانجليز وقد كانت حالتهم غاية في السوء مما أدى إلى وفاة الكثيرين منهم بسبب تفشي الأمراض وتم دفنهم في مقبرة جماعية خارج أسوار المدينة.
الجيش البراني
عزز الإمام الجيشين السابقين بانشاء جيش ثالث «البراني» من أبناء قبائل الأنصار التي كانت تعاني البطالة بعد خروج الجيش التركي وأصبحت مهيأة للتمرد إذا لم تجد مصدراً للعيش.
من أجل ذلك شكر الإمام من رجالها الجيش البراني وجعل الخدمة فيه اختيارية والخروج منها كذلك وجعل تسليح منتسبيه على أنفسهم ولايخضعون للتدريب وقد بلغ عدد هذا الجيش حوالي خمسين ألف فرد وأميرهم يدعى السيد محمد بن أحمد هاشم.
وهنا يورد المؤرخ سلطان ناجي سبباً آخر لإنشاء هكذا جيش فهو يعتقد أن الغرض الأول لوجوده هو منافسة الجيش النظامي لأنه الجيش الأصيل الذي عاصر الأئمة ووقف في الحروب إلى جانبهم لذلك كانت له الأسبقية.
وقد تم انتخاب أفراده من القبائل النائية والزيدية وقد حددت مدة بقاء الجندي فيه من سنة إلى سنتين ثم ابداله بشخص من أهله أو أقاربه وجندي ذلك الجيش أكثر خطورة عند العمال والمشايخ لأنهم عندما يرسلونه في تنافيذ ومأموريات يقوم بإرهاب الرعية أكثر من غيره.
ومما سبق يتضح جلياً أن الإمام يحيى أدرك بسجيته المستبدة أن الجيش النظامي لن يكون نصير الاستبداد والظلم وقد انبثقت من معية جيش المظفر النظامي قادة ودعاة تحرر تفتخر بهم اليمن قاطبة وحين تفجرت الثورة كان هذا الجيش البراني القائم على سلب ونهب الرعية النصير المدافع لذلك النظام البائد وهو ماجعل مخاض تلك الثورة يتأخر لأكثر من سبع سنوات فانظروا إلى أي عقلية فجة جعلت ذلك النظام البائد يستند على ظلامية الجهل التي انتصر عليها نور العلم والتحديث.
بعثة العراق
ما إن وقع الإمام يحيى أول اتفاقية عربية مع العراق حتى عرضت عليه استعدادها لتدريب ضباطه ليس حباً في اليمن ولكن خوفاً من التغلغل الايطالي نتيجة معاهدة 6291م وكانت هناك مخاوف في أوساط الرأي العام بأن ايطاليا ستهجم على اليمن بعد الحبشة.
وقد ارسلت البعثة الأولى في نفس عام الاتفاقية وكانت مكونة من «01» اشخاص برئاسة محيي الدين العنسي ثم تبعتها مجموعة مكونة من خمسة أشخاص برئاسة زيد عنان ومن أبرز من تم تدريبهم في تلك البعثة السلال والعمري والجائفي والمروني قادة الثورة فيما بعد.
أما البعثة الثانية فهي من العراق إلى اليمن وقد وصلت عام 0491م لتدريب الجيش اليمني وكانت مكونة من أربعة ضباط وأحد عشر ضابط صف ومن أبرز ضباطها الرئيس جمال جميل..
البسباس
أما بالنسبة لاستخدامات الجيش الإمامي فهي تتلخص بثمانية أمور هي الحروب والخطاط والقنافيذ المأمورية وحراسة الإمام وسيوف الإسلام والعمال والاستعراضات والجمارك والأعمال الأخرى المتعلقة بالسلك والبريد... الخ وحسب الباحث سلطان ناجي في كتابه الموسوعي التاريخ العسكري لليمن فإن اسلحة الجيش الإمامي وتقسيماتها على الجيوش الثلاثة الآنفة تتكون على النحو التالي:
1 البندقية ومن اسمائها الصابة والموز والسبك والحميدي الطويل والعقير والجرمني.
2 المدافع ومن اسمائها المانتل والجنير والهاون وعادي جبل وكانوا يلقبونه بالبسباس.
3 الرشاش ومنها الخفيف والثقيل والبطيء والسريع.
وبالنسبة لمصادر التسليح كانت من مخلفات الأتراك وبعض الشركات النمساوية والمانيا وايطاليا.
هزائم الإمام يحيى
ثمة مايشبه الاجماع على أن التجمعات الأولى للحركة الوطنية المعارضة للنظام الإمامي قد بدأت كرد فعل غاضب ، عقب هزيمة الجيش اليمني في حربه الدفاعية عن الأراضي اليمنية في مواجهة كل من الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن عام 4391م.
ويورد الباحث عبدالله الشماحي أن الحالة المزرية التي ظهر بها الجيش في تلك الحربين كانت مصدر الغضب في صفوفه صحيح أن الفارق بين الامكانات المادية والبشرية ،وفي الكيف لكل من قوات الاحتلال البريطاني والقوات اليمنية كان كبيراً لكن ذلك الفارق لاينطبق تماماً على توازن القوى بسبب إهمال اعداد الجيش للمعارك الحديثة بمعايير ذلك الزمن وتركيز دولة الإمام على اعداد الجيش لمواجهة المشكلات والتمردات المحلية.
يقول العقيد محسن علي خصروف وهو باحث مهتم في هذا الجانب إن ابرز مؤسسي التجمعات السياسية المعارضة الأولى في صنعاء عاصمة الدولة إن لم يكن أولهم قد كان النقيب أحمد المطاع أحد ضباط الجيش في الفترة المشار إليها من خلال ما اطلق عليه هيئة النضال فكانت احد الروافد الوطنية العديدة من مناطق أخرى من الوطن لما عرف بحركة الأحرار ورمزها الأكبر.. «حزب الأحرار الدستوريين»الاتحاد اليمني فيما بعد.
الوعي أولاً
لم يكن للعسكريين أي وضع متميز في إطار حركة المعارضة منذ بدء تجمعاتها الأولى في ثلاثينات القرن العشرين ،وحتى عام 74م وهو العام الذي قدم فيه إلى اليمن واحد من قيادات الاخوان المسلمين النشطة على مستوى الوطن العربي هو الفضيل الورتلاني «الجزائري» كموفد من قبل الاخوان المسلمين في مصر تحت غطاء العمل التجاري فرغم اتساع نشاط العسكريين المعارض للنظام الإمامي خاصة بعد عودة الضباط الذين بعثوا للدراسة في العراق وأذهلهم الفارق الحضاري بين العراق واليمن رغم تخلف العراق قياساً على المجتمعات الأوروبية وكذلك احتكاكهم بالعسكريين العراقيين الذين عاصروا انقلاب «بكر صدقي» عام 6391م إلا أن نشاطهم قد ظل في إطار تجمعات المدنيين وخاصة المثقفين الذين ينتمون إلى الطبقة الوسطى المدنية.
وقد تكون الجناح العسكري لحركة الأحرار عام 84م كما اوردها كتاب ثورة اليمن الدستورية لعبدالله السلال وآخرين.. تكون من ست خلايا سرية في كل من الجيش المظفر ، الجيش الدفاعي ، مدرسة المخابرة «الإشارة» الطوبجية «المدفعية» المدرسة الحربية والشعب الإدارية العسكرية.
وقد أدى نقل بعض الضباط إلى كل من تعز ، الحديدة ، المحويت ، وصعدة إلى امتداد نشاط التنظيم العسكري إلى تلك المناطق ،وإن كان نشاطاً محدداً ، إلا أن القائمين به قد نفذوا بعض المهام عند قيام الثورة الدستورية في 61 فبراير 8491م وعلى مستوى التشكيلات فإن تواجد ضباط التنظيم قد تركز في سريتي رشاش من الجيش المظفر ، وسريتي رشاش من الجيش الدفاعي ، ووحدة طوبجية «مدفعية» ومن مدرسة الحربية والإشارة بالإضافة إلى مجموعة من الضباط الإداريين في الشعب العسكرية.
وقد نفذ أولئك الجنود مهامهم الموكلة إليهم بدقة وظلوا على ولائهم لقادتهم حتى تكشفت لهم كثير من أمور وتوجهات القادة التي اصطدمت بمعتقداتهم وولاتهم للإمام خاصة بعد أن وصلهم نبأ اغتياله وابنائه فالتحق الكثير منهم بقبائلهم وبالأمير أحمد الذي اعلن نفسه إماماً ولقب ب«الناصر» .. كما انظم الكثير منهم إلى قواته في أول مواجهة بين الطرفين وجاءت الضربة القاضية عندما قام ضباط وجنود وفوج الطوبجية المرابط في قصر السلاح ،وهي الوحدة التي كانت حكومة الثورة تعتمد عليها بشكل أساسي باعتقال الثوار وإمامهم واطلاق سراح الأمراء الذين كانوا قد أودعوا سجن القلعة وإعلان ولائهم للإمام أحمد ويقابل ذلك موقف آخر قامت العلاقات فيه بين الضباط ومرؤوسيهم على أساس الفهم والوعي السياسيين بالمهمة وما قد يترتب عليها والانموذج الحي لذلك هم طلاب مدرستي الحربية والمخابرة فقد ظلوا يؤودون المهام التي أوكلتها إليهم القيادة حتى آخر لحظة لسقوط الثورة الدستورية.
الثلايا
لم يقدم نظام الإمام المنتصر في 8491م أي جديد ولم يحدث أي تغيير بل ازداد شراسة واستبداداً.. وفي ظل تلك الأوضاع كان هناك مجموعة من العسكريين الأعضاء في الجناح العسكري لحركة 84 قد نجوا من سجن سيف الإمام أحمد بحكم بعدهم عن منطقة الحدث صنعاء وعدم مشاركتهم فيه ومن أبرزهم المقدم أحمد الثلايا الذي كان مسؤول الخلية العسكرية في لواء صعدة وتم نقله بعد ذلك إلى لواء تعز ،حيث تم تعيينه معلماً للجيش.
بحكم تواجد الإمام في مدينة تعز اصبحت هذه المدينة المركز الرئيسي للنشاط السياسي الرسمي بدلاً من العاصمة صنعاء وقد بدأ الثلايا يتحسس طريق العمل السياسي السري من جديد واكتسب ونجح في استقطاب مجموعة من الضباط الذين كانوا تحت امرته واصبح محط احترام الجيش وضباطه وافراده في تعز..
وبغض النظر عما تردد أن الثلايا والمجموعة العسكرية التي قامت بحركة 55م كان هدفهم العبور من خلال إمامة عبدالله بن الإمام يحيى إلى إمامة النظام الجمهوري حسب توصيف عبدالله الشماحي أن العسكريين والمدنيين معاً قد نصبوا عقب الانقلاب إماماً جديداً حل محل شقيقه وأن الإمامة الدستورية قد ظلت مسيطرة على تفكير الكثير من زعماء حركة المعارضة منذ الاربعينات وحتى انقلاب 13 مارس 55م الذي ما لبث أن فشل بعد بضعة أيام من حدوثه.
والواضح فيما حدث عام 55م أن قيادات الحركة الوطنية لم تكن تنساق وراء عواطف العسكريين المغامرين بغض النظر عن اخلاصهم لأنهم استمروا في خطتهم التي رسموها في سجن حجة وفي عدن عقب هزيمة 48م فكثف نشاطهم الساعي إلى شق صف الأسرة الحميدية.
الضباط الأحرار
الثورة السبتمبرية جاءت من رحم ظروف قاسية حاولت قوى الخير في مجتمعات أن تضع لها نهاية لذلك كانت ثورة 48م وحركة 55م ذات الصيغة العسكرية والشعبية وكان الناس كلهم يفكرون بالخلاص .. وكان هناك من الشباب المدني والعسكري ومن السياسيين المجربين ومن المشايخ ومن الأفراد ومن بين هذا الكل ولد تنظيم الضباط الأحرار وهو تكوين عسكري ماجاء إلا لضرورة حيث كان أعضاؤه يدركون بأن الانكسارات السابقة كان لها اسبابها وكان لابد من ايجاد تنظيم عسكري بحت.
وهنا يقول اللواء صالح علي الأشول أحد أعضاء ذلك التنظيم إن تأسيس ذلك التنظيم كان من العسكريين وليس لأن الاخوة المدنيين ناقصو الوطنية ولا لأنهم عاجزون عن العمل ولكن كانت محاولاتهم دائماً تنكشف بسرعة ونتيجة لذلك قدم مجتمعنا أفضل رجالاته في مختلف الحركات فهذا التنظيم جاء ليعمل في سرية تامة.. كما قام التنظيم في نظام داخلي ووضع لنفسه أهدافاً ستة ربما الكل يعرفها ورسمت هذه الأهداف آفاقاً واسعة للتغيير في اليمن.. وحسب الاشول فإن التنظيم كان يتشكل من لجنة قيادية وقاعدة تأسيسية و11 لجنة أساسية ولجان فرعية وهؤلاء يمثلون اللجان الأساسية التي تمثل حوالي 60 ضابطاً وحرص التنظيم اثناء عمله على أن يقيم علاقات مع الآخرين..
وكان الضباط المؤسسون للتنظيم وهم زملاء المدارس شركاء «الكدمة» الذين نقلوا روح المدرسة إلى الكلية ومن ثم إلى الحياة العسكرية يعرفون هويات بعضهم السياسية ويعون نتائج مماحكات تلك الهويات والتزامات الحزبيين لأحزابهم ولذلك فقد كان أول قراراتهم عند تحديد شروط العضوية التخلي عن أي انتماء حزبي سابق .. ولم يكن في ذلك أي توجس من وطنية الحزبيين.
يقول اللواء علي قاسم المؤيد إن مهام التنظيم هي استخدام الأسلحة الحديثة الدبابات والمدفعية والمدرعات وهي الأسلحة التي تضمنتها صفقة الأسلحة السوفيتية والتشيكوسلوفاكية وكان الضباط هم الوحيدين الذين اتيح لهم التدريب على استخدامها.
وكان العمل يرتكز على محورين : المحور الأول القيام بالحركة على الإمام أحمد في تعز والمحور الثاني يقوم على ولي العهد في صنعاء غير أن موت الإمام أحمد وتقلد ولي العهد منصب الإمام خلفاً لأبيه دفع بالضباط لأن يقوموا بالثورة وأن يذكوا شرارتها الأولى.
وأخيراً أختم بأن العمل الثوري لايمكن بأي حال من الأحوال حصره في هذا القطاع العسكري فحسب فهناك عدد كبير في أوساط الموظفين والمشايخ والتجار وغيرهم من أبناء الشعب قد شكلوا جماعات هنا وهناك تعمل للثورة ومن أجل الثورة وقد ظهر حماسهم وتضحياتهم لحظة إعلان الثورة في صباح 26 سبتمبر 1962م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.