موقف العلم: «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ» أوقفني في موقف العلم وقال لي: اطلب علم السلوك لدى الثقاة من علماء الصوفية، واطلب الفقه لدى الراسخين في أصوله، واطلب الحديث ونقده لدى المتخصصين في فنونه، وإياك إياك أن تبيع عقلك لفرد أو صنف من هؤلاء. سألته وما الضير في بيع عقولنا للعلماء؟! قال لي:«إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ». إذا كان الله لم يخلق عقلك للبحث والتفكير وخلقه لاتباع فلان أو علان، لمن ستبيع عقلك؟ للقرضاوي أم حسين فضل الله؟ لسلمان العودة أم لآل الشيخ؟ لعبدالمجيد الزنداني أو زين العابدين الجفري؟ لأبي بكر المشهور أم حمود الهتار؟ لشوقي القاضي ومحمد سيف العديني أم المرتضى المحطوري ومحمد عزان؟ لعبدالملك الحوثي أم عبدالوهاب الديلمي؟ لفلان أو فلان أو فلان.. وإن كنت لا ترى نفسك أهلاً للحرية والمسؤولية وتصر على بيع عقلك، فاعرضه على من لا يريده، اعرضه على من يحرص على إعتاقك من التبعية، اعرضه على من يزجرك عن تقليده، اعرضه على من يحرص على تحريرك وأن يكون اتباعك له على بصيرة ولا يقول لك: اغمض عينيك واتبعني. من تكون معه كما كان موسى عليه السلام، مع الخضر، متسائلاً يقظاً لا متبعاً بغير علم. وإياك واتباع من يظن أنه ورث العلم من إفرازات الماء المهين لآبائه وأجداده، فتلك ذروة الاستخفاف بالعقل البشري. اتبع من لا يجعلك تحتقر نفسك إذا أدركت ما لم يدركه من العلم، من يسمح لك أن تقف أمامه كما وقف الهدهد أمام سليمان وقال له: أحطت بما لم تحط به. فيقول كما قال سليمان: سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين، ولا يقول كما يقول عبيد المقلدين: ومن أنت حتى تتطاول على العالم العلامة والحبر الفهامة وحيد دهره وفريد قرنه وسائر الألقاب التي تسبب العقم الفكري والإعاقة المستديمة للعقل. سألته وكيف يمكنني وأنا في أول درجات أبجديات المعرفة، تقييم مواقف علماء المذاهب والتيارات المتناقضة؟ قال لي: إذا توقفت عن احتقار ذاتك، ستجد أن عقلك أكثر ذكاء من معدة البقرة، ألا ترى أن معدة البقرة تأكل من صنوف الزرع والحشيش وتقذف ما لا ينفع في الفضلات وتعتصر ما ينفع الناس حليبا طازجاً؟ قلت: ألهمها الله ذلك؟ فقال: وهل وهبك العقل إلهاً آخر غير الله؟!!. إن من وهبك العقل وهبك أيضاً الحرية ومسؤولية التكليف، ونهاك أن تكون «كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ». سألته: فما بال أكثر الناس؟ فقال:«أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا».