هذا هو أسبوع محمد المتوكل, ولا يمكنني تجاهله, أوتركه يمر بسلام دون أن أعبّر عما يجول بيقيني ناحية الرجل! لقد فتح لنا المجال د. ياسين، ولا ينبغي أن يُقفل قبل أن أدلو بدلوي أنا أيضاً.. وأتناوله من الزاوية التي يروق لي أن أمرق إليه منها!. الرجل ذبيحة الرأي العام حالياً, وأرى أن لي الحق كغيري في أن أمرر شفرتي فوقه.. دون أن أنسى بالطبع سن الشفرة وحدها جيداً لإراحته من العذاب عملاً بمقتضى الحديث الشريف.. ولعل ذلك ممكن التحقق بقليل من الكلام المختصر, والواضح الذي يجترح الصدق, ولا يبتعد عن الحقيقة.. تماماً كما فعل من سبقني إليه في الأيام القليلة التي مضت. تناوله الدكتور ياسين كشخصية «تلفيقية», محتكراً ذلك لنفسه, وتاركاً الباب مفتوحاً لمن يريد أن يتناوله من زوايا أخرى.. أكثر حدة.. وأكثرتجسيداً لحقيقته المتخمة بالقيم الرديئة.. كرجل قدم إلينا من أعماق الزمن الرديء والموغل في الوحشة والسواد!. يمكنني أن أتناوله كرجل بعشرة أوجه _ مثلاً _ .. أو كسياسي شبيه ب «القرافة»؛ إذ يدهش الجميع بقدرته على التكيف مع كل المشاهد, والاختمار مع كل الظروف!. كم يبدو هذا المتوكل غريباً أحياناً, ولم لا؟! فالسياسي «المتحوث», والإمامي البارز في «المشترك», الذي يزور صالح إلى عقر داره «في ذروة الفعل الثوري» لا يمكن إلا أن يكون شخصاً ملغوماً بالنفاق.. تحفه المساوئ.. ويضرب الغباء عمق أدائه السياسي!. تلك نظرتي للمتوكل منذ القدم, ولعل الوقت قد حان الآن للقول بأن مهابة المشترك كانت تنحسر من عيني مع كل «قفزة» يقفزها المتوكل إلى صدارته.. على أكتاف ديمقراطية المشترك بالطبع, ومن نافذة التداول السلمي والسلس لمنصب رئيس المجلس الأعلى!. لقد أفسد الرجل مهابة المشترك أكثر من مرة؛ بتصدره مشهد التكتل.. يظل المشترك كبيراً كتحالف سياسي معارض يحمل في همه روح القضية الوطنية, ثم بمجرد صعود المتوكل إلى صدارته يفقد بريقه الوطني, ويسقط كبرياءه..وتتحلل كل آمالي منه, وثقتي فيه!. رجل السلالة المقيتة, المتلون كالأفعى يحيرني حقاً؛ إذ أبحث عن الثغرة التي استطاع أن يتسلل منها ليصبح قيادياً بارزاً في المشترك النقي!. على عكس المتوكل الذي يحمل لون الطائفة, والماضي,والمراوغة,والانتقام.. يحمل المشترك لون الوطن, والمستقبل, والشفافية، ويعتمد مبدأ المصارحة والتسامح، فكيف اجتمعا يوماً في بوتقة واحدة! كيف مُنح الرجل زمام المشترك أكثر من مرة؟! شخصياً: كنت أهرب من متابعة ما يجري على صعيد المشهد السياسي في البلاد، مع كل مرة يتم فيها منح المتوكل الثقة لقيادة المشترك.. لم أكن أريد أن أرى المشترك بكل ذلك السقوط!. وأدري.. أدري أنه ليس بمقدوري تفسير المسألة إلا بكون المشترك يصاب هو الآخر بالإرهاق مثلنا، فيلوذ بالظلام طمعاً بإراحة أعضائه, والفوز بشيء من الاسترخاء ريثما يستعيد نفسه ونشاطه من جديد, وهو ما يعني أن المتوكل إنما كان يجسد «ليل المشترك» الذي يمارس تحت سترته حرية الاسترخاء, والتعري بأريحية وأمان كبيرين!. لست متحاملاً على المتوكل، وأتمنى لو أستطيع إنصافه, لكنه لا يترك لي المجال لذلك.. ولو أن أحدنا استطاع التسلل إليه من إحدى الثغرات لمحاولة تناوله بشيء من الحياد والتجرد فإنه سيتفاجأ حتماً بصعوبة تحقيق ذلك، فليس في المتوكل ما يمكن أن ينصفه وينأى به عن نار الكلمات, وليس ثمة من مجال لتناوله إلا بالشكل الذي يستحيل فيه إلى شخصية سياسية عارية من كل الصفات التي يفترض أن تكون متوفرة في أي سياسي يجاهد في تقديم صورته للناس ك«منقذ لهم, ومخلص وحيد لقضاياهم»! محمد المتوكل يجسد الشخصية الأكثر سقوطاً في المشهد السياسي للبلد.. ذلك ما ينطق به واقع حاله الآن؛ إذ يمارس السقوط على إيقاع الأسى المشتركي.. وهزأة الرأي العام المحتفي كثيراً بإشفاقات الدكتور ياسين!. لقد كان بمقدور السيد محمد المتوكل أن يصبح كبيراً تحتفي بإطلالته وجوه البؤساء كما هو حال ياسين والآنسي ورفاق الدرب في المشترك, لو أنه اجتاز الامتحان الوطني بنجاح, لكنه لم يتحمس حتى لفكرة خوض الامتحان.. شيء ما متأصل فيه _ له علاقة بخلفيته المذهبية والفكرية _ يحول بينه وبين أن يصبح كبيراً في أعيننا!. إنها ذات المشكلة التي يعاني منها «أخوه حسن».. وذلك السيد المراهق القادم من البعيد، والذي تعثر هو الآخر في تسويق قداسته للناس, ونحر سمعته ببنادق مليشياته التي تعبث بأرواح الناس, وترتكب الفضائع كل يوم على جبهات القتال المصطنع مع صهاينة صعدة, وعمران وحجة!. أعتقد أنه لا مبرر بعد هذا إذاً لمحاولة تناول المتوكل باعتباره شخصية سياسية مهزوزة وانهزامية سقطت لتوها تحت تأثير المشاريع الصغيرة المضادة.. إنه لم يكن سوى في الواجهة المضادة دائماً.. مهما جاهد في تمييع هذه الحقيقة!.