قررت أن لاأكتب هذه العبارة, إلا وأنا على هذا الحال, فمن يصدق أن من تكتب هذه الأحرف ممددة على سرير المستشفى, ببطن مذبوحة, ومغذيات تتقاطر قطرة.. قطرة, وبطفلة صغيرة تريد الحياة.. وجارتي المريضة في نفس الغرفة تمسك لي الدفتر لأكتب عن أعظم وأجمل وجع اسمه(الأمومة), لكن هذه التجربة على ألمها, وأمثالها من التجارب تعلم الإنسان كيف الحياة, وتكشف له عن وجوه كل الناس.. فيومها وفي ذلك الصباح تركت كل شيء في الدنيا, وبمجرد ماركبت التاكسي وأعددت الحقيبة, شعرت أن شيئاً ما نزل على قلبي من السماء, وأنا أتحسس طفلتي بيدي, وابتداءً من الخالة نعيمة العراقية والخالة حجة تبدأ القصة, وتردد ماما حجة وهي تلبسني سترة العمليات: - ضعي هذا على رأسك، هذا تاج الأمومة, وهذا في قدميك كأنه نقش حناء, هل رأيتك من قبل، ماأجمل ابتسامتك ثم تستمر القصة وبذلك العنبر ترد الحالات, وأتمنى أن أستطيع أن لاأشعر بألم أحد, لكني لاأستطيع وأواسي الجميع من فوق سريري, وأدعو الله للجميع, وفي الوقت الذي تحيط بكل مريضة مرافقاتها أرفض أنا مرافقة حتى أمي, وتمر الساعات, وبين الموت والحياة يقف المرء مذهولاً أمام عظمة المخلوق المسمى المرأة, التي حتى وهي ترى الموت تسأل عن وليدها وتحافظ على حياته بأي مقابل, وأترك المجال لكل الحالات قبلي وأساعدهن وأدعو لهن, وأخيراً أدخل غرفة العمليات, وألتقي ملائكة التخدير, ودكاترة بمنتهى الطيبة يسألونني: - نفسك جيدة بل ممتازة وروحك حلوة. فأجيب لأني شاعرة, وسأصبح أماً, وما إن أخرج وأنا يذبحني الألم حتى ألتقي بالآلام الجديدة, لكن ملائكة الرحمة اللواتي أدين لهن بحياتي من الممرضات اللواتي يسهرن ويتعاملن مع المريض بكل حب، ابتداءً بالإنسانة العظيمة(ابتسام) ممرضة تسكب الحب حتى لاتشعر بوخزة إبرتها ولو استطعت تكريمها لفعلت, ومعها قلب بحجم أقدس وأعلى شهادات العالم د/لبيب الأغبري الذي لايمكن أن تشعر أنه طبيب ككل الأطباء لتواضعه ولطفه, لكل العاملين في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا أدين لكم بنبض ابنتي وابتسامتها. شكراً لأنكم علمتموني أن الدنيا مازالت بخير شكراً.