الحالمة « تعز » مدينة ومحافظة فريدة ومتميزة في كينونتها الحياتية منذ قديم الزمن، وموقعها على الخارطة اليمنية الطبيعية والسكانية والنهضوية موقع استثنائي وهام جداً للدور الكبير الذي لعبته ومازالت تلعبه هذه المدينة في صناعة حاضر ومستقبل الوطن سياسياً واجتماعياً ووطنياً وثقافياً وإقتصادياً وتعليمياً وحتى ثورياً.. الخ ،وهو الدور الذي صار جزءاً من حياة المدينة في إطار كونها العام جزءاً من الوطن أرضاً وإنساناً وحياة.. وحتى لا نوغل في تاريخ بلادنا القديم لاستحضار الشواهد على أهمية “تعز” وما لعبته من أدوار وطنية خالصة تصب في خدمة الوطن الكبير “اليمن” يكفينا الاستشهاد بدورها الذي تسطر بحروف من نور الفداء في سبيل الثورة ضد الحكم الإمامي الفردي المستبد وضد الاستعمار البريطاني في جنوبنا المحتل سابقاً ليتأكد لنا وبما لا يقبل الشك أن الدور الذي ارتسمت ملامحه جلية على وجه الحالمة تعز إبان ما سمي بثورة التغيير في بلادنا منذ مطلع العام المنصرم تقريباً لم يكن وليد الصدفة أو مبتذلاً بل كان امتداد لأدوارها الثورية الممتدة عبر العصور ضد الظلم والقهر والاستبداد والشمولية المفرطة في الحكم.. الخ. أما لماذا تعز بالذات من تفردت بهذه السمة النضالية “أن تكون المنبع الثوري” المتدفق بالثورات التعليمية والثقافية والتنموية في بلادنا فإن الجواب الشافي على ذلك هو : لأنها المؤهلة أرضاً وإنساناً وفكراً ومعرفة وروحاً وطنية صادقة للقيام بهكذا أدوار .. وإنطلاقاً من كل تلك المعطيات السالفة الذكر وغيرها الكثير فإن قراراً حكومياً يصدر باعتمادها عاصمة ثقافية لليمن هو أقل ما يمكن تقديمه لهذه المدينة التي من حقها على الدولة والوطن أجمع الكثير من الاهتمام.. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن جلياً على الجهات الرسمية التي أصدرت هذا القرار هو : ماذا بعد القرار ؟ لأن مثل هذا القرار يتطلب رصد إمكانات مادية ومعنوية كبيرة لتفعيله على الأرض انجازاً بحجم هذه المدينة على خارطة الوطن.. فهل سوف نرى الصدق في الدعم النهضوي العام لمختلف مجالات الحياة الخدمية والتنموية والثقافية بالمدينةتعز كي تسمو عالياً وتصبح حقيقة لوجه الثقافة المشرق لليمن على الساحة العربية والدولية؟ هذا ما نرجوه من كل قلوبنا ولا أعتقد أن أبناء تعز العلماء والمفكرين والمثقفين ورجال المال والأعمال والثوار والناشطين و... و... الخ.. لا أعتقد أنهم سوف يسمحون لمثل هذا القرار أن ينام في أدراج خطط وبرامج الحكومة.. فإن لم يعملوا لإثبات عاصمتهم عملاً لا قولاً فماهو نفع استهلاك قدراتهم خارج نطاق الحالمة ؟ وإن لم تكن الجهات المعنية صادقة في دعم هذه العاصمة الثقافة الدعم الذي يبني ويعمر ويخلق الانجازات العظيمة فلمن سيتوجه اهتمام حكومة الوفاق إذن وتعز هي المنبع الذي أروى تجاعيد أحلام الوطن..