مهما طال الزمن سيفهم الجميع يوماً أن الخيارات الوطنية على قاعدة الدولة المدنية هي النجاة الوحيدة للبلد ومستقبلها.. ومن يستوعب الحروب الدينية الطاحنة في أوروبا على سبيل المثال سيفهم أن الدولة المدنية جاءت هناك بعد خسائر رهيبة بسبب الاستغلال السياسي للدين، إضافة إلى كل من دار في فلك هذه الصيغة المستبدة من إقطاعيين وأباطرة. كذلك على الحوثي استيعاب أن الحكم ليس احتكاراً وتمييزاً بتفويض إلهي، بل الحكم للشعب، وليندمج بحركته على نحو سياسي، أي بما يمكنه من مغادرة فكرة الإمامة المرفوضة.. وبالتأكيد فإن على الزنداني بالمقابل الإقرار التام بأن الدولة المدنية لاتعادي الدين أبداً، وإنها تستمد سلطتها من القوانين لا من الفتاوى. ثم إن فكرة الخلافة البدائية التي يتكئ عليها تقوم على أحادية مذهبية في بلد متعدد بالطبع، ومثلها فكرة الإمامة بالنسبة للحوثي التي تثير الاشمئزاز أكثر لانطلاقها من اصطفائية سلالية وبس. غير أنه ليس من المعقول كل هذا التواطؤ القائم مع تذكية خيارات الصراعات الطائفية ضد التنوع العقدي في هذا البلد، بحيث لن تصوننا جميعاً كيمنيين إلا الدولة المدنية فقط وكحتمية لابد منها. أما القبيلة كمعيقة مثلاً فإنها سهلة التحول كلما اتضحت فيها التنمية أكثر وصارت تؤمن بالفعل أن المستقبل للرقي لا للتخلف.