تحاول هذه الأيام اللجنة الفنية للحوار الوطني التهيئة والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني القادم ، وبدأت وسائل الإعلام وخاصة الحكومية كقناة اليمن الفضائية تعرض جزءا كبيرا من المشهد الحواري. ولعل ما يلفت انتباهنا ، ونود التنبيه إليه خشية تحول مسارات الحوار باتجاهات متشعبة تخرج الحوار عن أهدافه ، وتميع قضاياه. فالحوار اليمني- اليمني ينبغي أن يبنى على أسس وقواعد متينة حتى يحقق مبتغاه. فمن أهم أسس الحوار أن يكون المتحاورون لديهم ثقافة الحوار ويؤمنون بأن الاختلاف ظاهرة صحية ، ولا يتمترس كل طرف حول رؤيته الذاتية ، ويحاول أن يسفه من الرأي الآخر. صحيح أننا ينبغي أن ندخل في حوار مع بعضنا البعض دون شروط مسبقة أو تحديد ثوابت للحوار كالقول بأن "الوحدة خط أحمر" لا يجوز مناقشتها.. وغير ذلك. فمن يتأمل في قضية الحوار الوطني في بلادنا سيتضح له أن للحوار الوطني في اليمن خصوصية، حيث مازال المتحاورون يمثلون في معظمهم عناصر شاركت بشكل أو بآخر في السلطة. وتم استبعاد أو تهميش شخصيات مستقلة وأكاديمية من دائرة الحوار. وما يؤسف له حقاً أن نجد اللجنة الفنية للحوار في وادٍ، والجامعات وخاصة جامعة صنعاء بأساتذتها وطلابها في وادٍ آخر. فالمفترض أن تكون جامعاتنا ساحة لاحتضان المتحاورين بل ومشاركتهم في إدارة دفة الحوار. فمهمة الجامعات ليس فقط التدريس بل والبحث عن حلول للقضايا المجتمعية بأسلوب علمي موضوعي بعيدا عن الرؤية السياسية الضيقة الأفق. فما يحدث في الجامعات اليمنية من حوارات تعتمد على لغة العنف ليس في صالح الحوار الوطني الشامل. فخصوصية الحوار في بلادنا تنبع من خصوصية الواقع اليمني المعقد الذي مازال يعاني من إشكاليات كبرى بحاجة إلى معالجات سريعة. ولعل أهم تلك الخصوصيات هو الحوار في إطار الانفلات الأمني فلا يكاد يمر يوم إلا وتناهى إلى مسامعنا حادث اغتيال لقيادات أمنية أو اختطاف لمواطنين يلجؤون لحل مشاكلهم للقضاء. فكيف يكون الحوار مجدياً، ومازالت قضية إعادة هيكلة الجيش على أسس وطنية معلقة أو بمعنى آخر لم تستكمل ، وتحتاج لقرارات حاسمة ، فليس المهم أن نتحاور ولكن الأهم أن نساهم في خلق بيئة مشجعة للحوار. ومن خصوصيات الحوار الوطني في بلادنا أن لجنة الحوار تسعى جاهدة لأن تمثل وتشارك كل القوى والشخصيات الوطنية في الحوار الوطني القادم ولكن الأهم هو أن تمثل كافة الاتجاهات الفكرية والسياسية في الحوار..فما نلاحظه أن التمثيل للقوى والشخصيات المشاركة في الحوار أنها تأخذ نسباً عددية على أسس مناطقية وسياسية وفئوية دون أن تكون بعض تلك الشخصيات مؤمنة بالحوار وقادرة على التحاور بأسلوب راقٍ لا يسيء للرأي الآخر. وخلاصة القول: نحن بحاجة ماسة لخلع النظارة الحزبية والمناطقية والقبلية والفئوية أثناء الحوار، فما يهمنا ماذا يقول المتحاور وهل أطروحته تخدم الحوار ، وتساهم في إيجاد قواسم مشتركة يتفق عليها المتحاورون. فلكي ينجح الحوار ينبغي أن نؤمن بأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة لحل قضايانا العالقة، ويساعدنا للخروج من النفق المظلم، وينير دروبنا المعتمة. [email protected]