المشاهد على أرض الواقع يعكس مصداقية ما كنا نحذر منه منذ بداية الأزمة السياسية الكارثية التي أكلت الأخضر واليابس ولم يشبع منفذوها، ومازال النهم شديد التمكن من نفوس البعض، ولعل بعض المناظرات التي تظهر بين الحين والآخر لتلك الأطراف الشريكة في تنفيذ تداعيات الأزمة السياسية قد قدمت دليلاً قاطعاً على استحكام العداوة وقوة الحقد الذي يملأ نفوس تلك الأطراف وانعكس ذلك على الواقع العملي وقدم بياناً عملياً وأن تلك القوى لم يجمعها قاسم مشترك متعلق بمصالح البلاد والعباد، وإنما مجرد تقاطع مصالح تلك القوى جعلهم يؤجلون ثأراتهم الدموية إلى حين التخلص مما كانوا يعتقدون أنه المانع لهم من محاولة القضاء على بعضهم البعض. إن المرحلة الراهنة لم تعد تحتمل المغالطة والتدليس ومحاولة حجب الحقيقة عن الشعب، بل تحتاج إلى مكاشفة علنية وشفافة لمعرفة الدوافع التي يتمترس خلفها كل مكون من تلك المكونات، وما دمنا على طاولة الحوار فينبغي أن تطرح الأهداف الحقيقية لكل مكونات الحوار الوطني بوضوح وشفافية مطلقة ليعرف الشعب أن تلك القوى، لم يكن همها الشعب وأوجاعه بقدر همها رغباتها الذاتية الضيقة التي لا صلة لها بالإرادة الكلية للشعب، ونحن على يقين أن الخير والنبلاء والعظماء في مؤتمر الحوار الوطني قادرون على الرد على تلك الإدعاءات النفعية الفئوية والمذهبية والمناطقية والفردية، وسيعكسون الصورة المثلى للإرادة الكلية للشعب التي لن تقبل بالفئويين والقرويين والتمزيقيين، وسيكون لسان حالهم قوة الحجة وعظمة الهدف وبالغ التعبير. إن مرحلة الحوار لا تحتاج الى التعامل مع المتحاورين بصورة وعلى الميدان بصورة مختلفة، ولذلك ينبغي أن تكون القوى الوحدوية المتحررة والمنتصرة للإرادة الكلية للشعب أكثر فاعلية في فضح النوايا التي تستهدف إضعاف اليمن والنيل من سيادته الوطنية، لأن القضية مصيرية ولا تحتاج الى المجاملة والمداهنة، بل تحتاج الى الوضوح في الدفاع عن وحدة الأرض والإنسان والدولة، لأن في وحدة الدولة قوة الإنسان اليمني وكرامته وعزته التي لا ينبغي التراجع عنها، وقد بات الشارع اليمني المكتظ بالأحرار الشرفاء والنبلاء يرقب كل صغيرة وكبيرة ويحلل كل صغيرة وكبيرة ويسجل مواقف النبل والوفاء لوطن الثاني والعشرين من مايو العظيم 1990م حرص شديد واعتزاز كبير، لأن الخلاصة النهائية بناء يمن قوي بإذن الله.