في كل بلدان العالم المتحضّرة تجد المسؤول المناسب في المنصب المناسب .. فمن غير المعقول أن تجد دارساً متخصصاً في الصيدلة مثلاً ثم يتم وضعه مسؤولاً في الكهرباء؛ إذ للتخصص منافع أكبر من أن تموت حاسة التخصص وإدراك ما ينبغي عليه تحمل المسؤولية من تدبيرٍ متجدد لا يتوقف لدى امتلاك شهادة التخصص وحسب. غير أننا نرى بأغلب أوطاننا العربية وخصوصاً اليمن .. الكثير من هذه المفارقات العجيبة والتي أودت بهذا المفهوم الذي دفع ثمنه غالبية من وُضِعوا في المكان غير المناسب .. إلا مارحم ربي ممن يمتلكون حِسّاً استثنائياً.. وسرعة بديهة وحُسن إدراك ووعي لأكثر مما تتطلبه تخصصاتهم ومجالات انشغالاتهم في الحياة العمليّة. ولهذا نعيش تخبّطاً واضحاً رغم وجود الكفاءات.. ونصحو كل يومٍ على كوارث مختلفة رغم وجود الحلول.. ونندب حظوظنا رغم يقين الأمل بكوادرٍ تعددت أفهامهم.. وتميزت رؤاهم وسعة أفقهم.. وهم الأجدر بوضعهم في المكان الأنسب لتخصصاتهم.. حتى لا نُعيد فشل ذلك المسؤول إلى تقصيره وإهماله فقط.. وإنما يجب أن نواجه أنفسنا بأنه غير جدير بذلك المكان منذ وضعَ فيه.. وإنما للوساطة والمحسوبية والحصص الحزبيّة مالها من فوضى قرارات.. ومن تخبّطٍ أليم في عشوائية تحديد مسؤوليات المعنيين وكيفية تركيب الرأس على ما يناسبه من هيكل يضيف إليه.. ويمضي به حيث الطريق السويّ والمأمول منه. والقصة باختصار أننا نحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة للدوائر الحكومية بكافة مسمياتها.. وغربلة الحشو على الكراسي غير الدوارة إلا في بعضها.. فلا ينقصنا إطلاقاً ما تحتاجه المناصب الرسمية العملية من كفاءاتٍ توّاقة للعمل وفق تمكنّها مما ستقوم به.. وعلى الحكومة تجديد المناصب بما يتواءم شكلاً ومضموناً مع تخصصها، مع وضع الاعتبار للدماء الجديدة الأكثر وعياً وفهماً لمتطلبات المجتمع.. ومواكبة العصر الحديث بما يكفل نُضجاً حقيقياً لمخرجات الإنتاج الوطنيّ بكافة أشكاله ومآربه. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=455101067862307&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater