واأسفاه أصبحنا فقط بارعين جدا في كيف نرسم على وجه الوطن دمعة أسى وماهرين أكثر في كيف نغرس في حناياه خناجر هدم وشتات..وواسفاه صرنا قسااااة حد المرارة وغلاااااضاً حد البكاء ومرعبين حد التأسي ومفزعين حد التورط. لماذا انتشت معاول التفرقة والانتكاسات وخفتت أيقونات السلام؟لماذا تأبى نفوسنا أن تتآلف ونصر على النهم والسير إلى نفق سارد في الضلالات؟لماذا غدونا هكذا في شقاق وكأننا غرباء عن ذواتنا حيارى الملامح منهكي التقاطيع تتجاذبنا أمواج سياسة متلاطمة وتيارات متبارين خلطوا غثاء الأحقاد بزبد الانتقامات وأكثروا فيها العويل والنواح بينما هم في الأصل ينتقمون من وطن موجوع مازال ينشد الأمان والنوم دون رعب ودون عسكر فج يئد الأحلام ودون حراسة بغيضة تغتال الأمنيات ,وينتقمون أيضا من مواطن أشعث اغبر قد سئم تعدد جولات الأسى وتناسل أشواط الركل في البطون الخاويات. واأسفاه هكذا صرنا أشباه مواطنين تتوطننا الرعشة ويستوطننا فحيح البؤس وتعصرنا المرارة المفرطة في الوخز والانحناءات .هكذا صرنا (أشباها) في وطن يريد له المحرضون أن يصبح أيضا (شبه) وطن يسير بالتزكيات وبمنطق الغمامة والجنابي المرصعة بالخيبات. مكلوم أنت يا وطني ومازال الحريق يشب في زوايا جدرانك ونحن نرمقك تئن من طعناتك من الخاصرة إلى الخاصرة واللاعنون يركلونك إلى زوايا الوجع والانكسارات . مخطئ من ظن أن الانتصار لشرذمة أو فئة أو جماعة هو انتصار حقيقي للوطن,ومخطئ جدا من ظن أن إذكاء الدسائس والفتن هو انتصار للوطنية الحقة ,وواهم من ظن أن الوطن الكبير صار ملكا خاصا به فقط. لماذا يصر البعض أن يدك ما تبقى من مداميك وطن مهترىء ولسان حالهم تزيد من الهراء وتكثر من الترهات ولغة الغاب وانتهاز الفرص في وقت نحن أحوج فيه لمنطق التعقل والهدوء ولعقول راجحة ورصينة تلغي من قواميسها مبادئ الانتصار لغير اليمن وتزيل من أجندتها متاريس العقد وموروثات التحجر والعصبيات,, وتفتح بصيرتها لجميع من ينشدون تعافي الوطن وخروجه من بؤرة العتمة والصراعات,,نحن أحوج لمنطقة وسطى حيادية بعيدة عن كل نيران الغضب والنفوس المتقدة بفحيح الشرارات,منطقة تلم التشظي وتجمع ما آلت إليه أرواحنا المنهكة من تساقطات,منطقة تكنس في نهايات الجرح ما نثرته أمسيات التيه من نتن وتقيحات,منطقة سلام محايدة تضيء لنا عتمة مساءات لطالما توعدتنا بالقطيعة و النتوءات, نحن أحوج أن نبتعد عن ثقافة النقصان ومنطق الجاهلية الأولى حتى لا نكون أشباه بشر وبقايا كائنات... ودمت يا وطني عظيما مرفوع الراية والهامات.