وعدت أطفال العائلة وبعض نسائها بالذهاب للتمشية ثاني العيد إلى حديقة الحديدة لاند، فرح الأطفال، وجمعوا ما حصلوا عليه من عيدية «فلوس» ، وسلموها لاختى الصغرى كي تصرف لهم منها على الالعاب والآيسكريم والبطاطس وغيرها. كانوا في غاية الفرحة ، وهم يتاهبون للذهاب إلى الحديقة، وعندما وصلونا إلى باب الحديقة كان الزحام خانقا في بوابة الخروج ، وتفاءلنا خيرا لأن كثير من زوار الحديقة خارجين منها ، مما سيخفف عنا الزحام ، وسنتحرك بحرية أكبر. وبعد أن قطعنا التذاكر ودلفنا إلى الداخل فوجئنا بأن الحديقة مازالت مكتضة بجموع من البشر أغلبهم من الشباب المراهقين والذين يتسكعون في الحديقة على غير هدى ، والغبار يملأ المكان والأضواء خافتة للغاية، والأوساخ في كل ناحية. تلفت يمينا وشمالا وشرقا وغربا لعلني أجد براميل صغيرة للقمامة في أركان الحديقة فلم أرها، مشينا باتجاه الالعاب التي وعدنا الأطفال بها رغم ضيقي من الحديقة، وتناهى إلى مسامعنا أصوات مختلطة ، وعساكر تجري باتجاه آخر والشباب يتدافعون، وحين استفسرت أحد العساكر عن الأمر قال لي ببرود: ضبطوا فتاة وشاب لوحدهم في ركن الحديقة ، قلت له بفضول صحفي : ماذا فعلوا بالضبط ، ولماذا تراقبوا الشباب ، دعوا الخلق للخالق، أيهما أفضل يتقابلوا هنا أم في بيت بمفردهم؟ هنا أمام الله والناس. لم يعلق العسكري على استفزازي له بكلمة لكن عينيه وايماءة رأسه كانت تؤكد على صحة ما قلته ، هدأ موضوع الشاب والفتاة فجأة ولا أدري من هي الفتاة ومن هو الشاب ؟ ، وقد يكون الأمر مجرد زوبعة لتشويه الصورة . وتوجهنا بسرعة صوب ألعاب السيارات حسب رغبة أطفال العائلة ، ولم يكن معنا شاب واحد كنا نساء وأطفال فقط ، فوقفنا في طابور النساء ، كان طابورا مزدحما ، ولا يتحرك ، بينما طابور الشباب والمراهقين من الذكور يتحرك بسرعة ، احتجيت على الوضع ، وهددتهم بالكتابة وطلبت ان يتيحوا لنا كنساء وأطفال من الإناث فرص متساوية في الدخول. وبالطبع تجاوب معنا الشخص الذي يدخل الزوار لألعاب السيارات ، وبعدها توجهنا لألعاب أخرى ، والأطفال يجرونا وراءهم ، ونحن كنساء تجاوزنا الخامسة والثلاثين والأربعين نبحث عن كراسي نجلس بها كي نراقب أطفالنا من الإناث والذكور خشية أن يضيعوا في الزحمة ولكننا لم نجد كرسي . جلسنا على حائط إحدى العمارات ، واشترينا لهم بطاطس مليئة بالزيت ، وآيسكريم أقل من العادي ، لم نجد مجالا للراحة والمتعة ، أذكر هذه الحديقة من سنوات مضت كانت حديقة نموذجية ، ما الذي غير حالها ، وأصبحت جافة وقاحلة ، وليس فيها ما يريح العين ، ويبهج النفس. وتصايح الأطفال يريدون ايسكريم ، توجهنا إلى كشك الايسكريم المتواضع، واشترينا لهم ايسكريم وأفترشنا أرض الحديقة ، وكانت الحشرات من نصيبنا، والايسكريم لم يكن مميزا. شعرنا بضيق شديد ، وتعب لم نشعر به قط ، اتصلنا بأبناء أخوتي الشباب المخزنين كي يعيدونا إلى البيت بسياراتهم ، كنت قبل ذلك ألومهم على تخزين القات ، ولكن بعد عودتي من هذه الحديقة التعيسة لم أنبس بكلمة لوم . كنت أظن بأن هذه الحديقة التي تم استثمارها من قبل مستثمر محلي سيكون حالها أفضل من أي حديقة عامة ولكن حالها كان بائسا ، لم نسمع صوت غناء ولا مرح ، كنا طوال الطريق ذو الضوء الخافت جدا نلاحق أطفال عائلتنا خشية أن يضيعوافي جوف الحديقة. فإين التلفزيون اليمني في العيد ، لماذا لم يغطي فعاليات العيد، وينقل الواقع المرير الذي يتجرعه المواطنون حيث لا يجدون متنفسا مريحا يسليهم ، ويخخف عنهم. أتمنى أن يأتي العيد القادم والحديقة قد تغير حالها للأفضل. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك: http://www.facebook.com/photo.php?fbid=461134083925672&set=a.188622457843504.38279.100000872529833&type=1&theater