قسوة.. أم غباء.. أم تخلف.. أم أي مسمى يمكن أن أسمي ما رأيت يومها وسمعت ووقفت منذهلة من غير أن أنبس ببنت شفة، عاجزة عن مجرد التفكير حتى بذلك الموقف..؟! خرجت تلك الطبيبة وهي تصرخ وتلعن وتسب، وتلك المرأة التي تصب ذلك الغضب عليها لاتتحرك، ولاتهمس حتى همساً بما تدافع به عن نفسها، كأنها تجد نفسها تستحق ماسمعته على قسوته، ولاتجد ما تبرر به ذلك الموقف المؤلم لحد الموت. فمن ينظر لذلك السرير ومن عليه تتجمد لسانه ونبضات قلبه وحتى قدماه، خشبة إنسانية تتمدد فوق ذلك السرير وأنينها يهز المكان، فهي طفلة لم يتجاوز عمرها الثانية عشرة، بجانبها شبه طفلة توصف بأنها ابنة تلك الطفلة لكنها (ميتة)، فالطفلة الأم ماتت وهي تلد وعادت للحياة, لكن رحمها قد تمزق وماتت تلك الروح الصغيرة التي كانت فيه، وهذا يعني أن هذه الطفلة عندما تكبر يستحيل أن تصبح أماً ثانية، هذا فضلاً عن كمية الدماء التي نزفتها، والتي نضبت، واستغاثت الطبيبة تبحث عن متبرعين، لتنقذ حياة تلك الطفلة على الأقل، الطفلة التي تعتبر عند أهلها وأسرتها(مرة) وعليه ولمجرد أن اسمها تلحقه (تاء التأنيث) فيحكم عليها بالزواج من رجل يكبرها ب(15عاماً) فهي إن بقيت حتى العام ال15أو حتى ال18من عمرها تصبح عانساً، وستتكلم عنها جارتهم وعائلتهم بالبلاد، ولايهم دراستها.. وجودها.. صحتها.. إلخ. وكم تتكرر هذه الحالة في بلادنا الجميلة المليئة بكل أنواع التخلف، كم تتكرر في اليوم.. في اللحظة، ولايوجد بشر ينصت لما يقوله الأطباء، فكل بيت فيه 5و10 وأكثر وهم على الله، أكيد هم على الله، لكن أين العقل والضمير والإنسانية التي خلقها لنا الله، أنا لا أعني بكلامي أني مع (زواج مبكر أو.. أو..) أنا مع أن نراعي الله في أمانتنا التي إئتمننا عليها.. أيعقل أن نلقي بأنفسنا للموت، هل من الأمانة أن تزوج طفلة في ال 12ولماذا؟ هل هذا من باب الحفاظ على العرض والشرف، لماذا هل عجز البشر عن تربية بناتهم على الدين والأخلاق حتى لاتكون الخاتمة أن يكون هذا الانتحار هو الحل الوحيد، وهل من لم يتزوجن بهذه السن، أو لم يتزوجن أصلاً قمن بأفعال شنيعة دمرت البشرية.؟ كانت الطبيبة تقول: - هل عجزتم عن تربية هذه الطفلة لتقتلوها بهذه الشناعة، لماذا يايمنيين لماذا لاتتقون الله، لماذا تأتون بهن إذن للحياة، حرام مازالت صغيرة لاتقوى ولاتعرف ماهي الحياة أصلاً، فكيف بزوج وحمل وولادة وطفل ومرض ونزيف ووو أين ستذهبون من الله.؟ ولم تكمل الطبيبة صراخها بعد حتى صرخت الممرضة صرخة أكبر: ماتت.. لقد توقف نبضها ماتت. أرجوكم إن عجزتم عن تربية بناتكم فلاتتزوجوا ولاتنجبوا، وإن فعلتم ذلك ثم عجزتم والكثير منكم ليس عجزاً بل جهلاً، فخذوهن إلى دور الأيتام، على الأقل سيجدن مطعماً ومسكناً وملبساً أهون من موتهن بهذه الطريقة.