حين عصف موسم الثورة بالمنطقة بدأ الحلم الجميل يتفشى في حياة الناس ،وإن غداً أكثر إشراقاً سوف يظهر ليبدد ليلهم الموحش الطويل. كل واحد حلم بما شاء :أوطان خالية من الفساد ومن سطوة الأجهزة الأمنية ومن استحكامات العائلة وعصبة القبيلة، ومن تزاوج رأس المال بالسياسة، ومن...ومن...... الحلم المشروع لبسطاء الناس تكثف في : تعليم غير مضروب يقدس العقل لا يعزز الخرافة . خدمات صحية في متناول الجميع ومرافق صحية بأدنى شروط السلامة لا سلخانات يذبح في غرفها المرضى معدمين وغير معدمين. قانون يقف الناس أمامه سواسية، لا يفرق بين غني وفقير ،شيخ ورعوي، مواطن وعسكري. إخضاع الوظيفة العامة للتنافس لا للترضية وشراء الولاءات بواسطتها. وغيرها من المطالب البسيطة التي تحضر في الحدود الدنيا لشروط المواطنة وحقوق الانسان. مطالب لم تتجاوز مدركات الواقع في حضوره اليومي والمُعاش عند السواد الأعظم، ولم تقفز إلى رغبات النخبة وشطحها لأنها ستتحول إلى مطالب ترفيه بامتياز. فالتنظير للتنوير في مجتمعات تتجاوز نسبة الأمية فيها 60 % والقاعدة التي تتكئ عليها مانسميه (تجاوزاً) بالطبقة الوسطى(قائدة التحولات) منعدمة تماماً خصوصاً في مجتمع مثل المجتمع اليمني يصير كتلة رخوة من هذاءات وإفراغات لفظية تجد مستوعباتها في المقايل والصحافة السيارة ولاتؤثر في البنية الذهنية للمتلقي المكدود اللاهث خلف لقمة العيش، فلو استطعنا على المدى المنظور خلق بيئة تعليمية متطورة وأنتجنا وعياً حقوقياً بسيطاً بالمواطنة، وقللنا من نسبة الفقر والبطالة حينها فقط يمكن الحديث عن أحلام كبرى مثل التنوير. أعود فأقول إن الربيع الذي أشاع فينا الحلم الجميل في التغيير من أجل الوصول إلى مانريد مهدد بالانتكاس لأن القوى المحافظة الراكبة للثورة والمستحوذة على قرارها لا يمكن أن تكون رافعة للتغيير في المجتعات مهما كان الرهان السياسي على أدائها كبيراً في بنية التحالفات القائمة، لأن شرط وجودها الأزلي هي الاستكانة والثبات ،وأي عملية انزياح في الواقع يقودها المجتمع إلى مساحة الدولة المدنية والتعدد والمواطنة يضعف من هيمنتها وسلطتها التي تغتذي من الخرافة والوهم. رابط المقال على الفيس بوك