ليست أعمال التخريب الجارية في أكثر من مكان إلا حرب استنزاف تشنها عصابات إجرامية بكل معنى الكلمة ضد الدولة والشعب وفي كل المجالات، وخاصة المجال الاقتصادي الحيوي المتمثل الآن وبصورة مباشرة وسريعة التأثير السلبي على موارد الدولة وعلى معيشة المواطنين كتفجير أنابيب النفط والغاز وقطع الكهرباء وخطف ناقلات الوقود من مأرب إلى عدد من المحافظات، ناهيك عن الفساد الذي ينخر المرافق الايرادية كالجمارك والضرائب والواجبات وحتى السياحة والأوقاف، كون الآثار والمواقع السياحية تُدمّر أو تباع أو تُهرب أو تُنهب وتباع لأشخاص هم في الأساس سماسرة أراضٍ يتمركزون في الأوقاف وأملاك الدولة.. وقد بلغت الجرأة ببعض المخربين أن يواجهوا الفرق الفنية والحماية العسكرية المرافقة لها بالرصاص والقذائف أثناء قيامها بإصلاح ما فجروه بعد ساعات قليلة من إصلاحه كما حدث الأسبوع الماضي في إحدى مناطق مأرب أو أثناء قيام الفنيين بالعمل الذي يستحقون عليه كل الثناء والاحترام كونهم جنوداً مجهولين لايدرون من أين ومتى تمطرهم العناصر التخريبية رصاصها الذي يبدو أنه يشنّف آذانها ولاتحلو لها الحياة إلا في ظل الفوضى وغياب القانون وسلطة الدولة.. ففي كل مرة تكلف تلك الأعمال خزينة الدولة ملايين الدولارات وتزداد الخسائر كلما كان التخريب كبيراً ومتعدداً ويحتاج إصلاحه إلى عدة أيام أو أسابيع بل ولأشهر وبحسب البيانات الرسمية الايرادية والأمنية والمحلية, وأن عملية تأمين خطوط ومحطات ضخ البترول والغاز وأبراج الكهرباء تحتاج إلى جيوش من القوات المسلحة والأمن وعدد أكبر من الآليات والأسلحة وأبراج ومواقع المراقبة وأجهزة الاتصال وطائرات الهيلوكوبتر لكشف تحركات وأماكن المخربين وتحديدها منذ أن يخرجوا من بيوتهم أو أماكن تجمعاتهم وحيثما يتوزعون على الأهداف المختارة لتفجيرها وقتل الجنود والضباط وتدمير العربات والمصفحات ونهبها بالقوة.. وإذا لم تسمّ حرب استنزاف فماذا يسميها الذين مازالوا يراهنون على الجهل والعفوية والثأر كمحرك أساسي لتلك العناصر الإجرامية في تنفيذ مايحلو لها من الضربات الموجعة الكثيرة جداً للدولة وللشعب والمربحة لتجار السلاح والمزايدين في أسواق الفتن ماظهر منها ومابطن ولايدركون أن هؤلاء شبوا على حب القتل والتخريب أكثر من حبهم للحياة الطبيعية والسلمية التي بدونها لايمكن لنا أن نرى الأمن والاستثمار والتنمية تسير في الاتجاه الصحيح..