حديث الأمس عن الروائي الكولومبي جابرييل جارسيا ماركيز فاض بنا إلى الحديث عن معنى الخلاسية الثقافية بوصفها تعبيراً موازياً للخلاسية العرقية التي تسم البشر بطابع الحضارة والسماحة وقبول الآخر ، وبالمقابل تقذف بنا ثقافة الأقحاح القابعين في أوهام النقاء العرقي والسلالي إلى جحيم التآكل النفسي والمعنوي، لشعورنا المزيف بأننا خير من غيرنا ، وفي ذلك قدر هائل من الكذب على الذات . لم تفلح الفاشية الإيطالية ولا الهتلرية الألمانية في إثبات أن القوميتين المقرونتين بالنقاء الأنجلوسكسوني ، وأمجاد اللاتينية التاريخية .. لم يفلحوا في البرهنة على ما ذهبوا إليه ، بل العكس من ذلك ، فبدلاً من تحقيق الهيمنة على عالم ( الهمجيين ) كان على شعوبهم المقهورة أن تدفع ثمن النتائج المرعبة للحرب العالمية الثانية ، فتكاملت دائرة العنف النفسي الذي تعرضت له تلك الشعوب ، وانفتح الباب لهيمنة جديدة نراقب اليوم مآلاتها القاسية . تلك العقول السابحة في دخان الحرائق وقصر النظر مازالت تعيد حضورها الكئيب في المشهد الإنساني، بل إنها مازالت تعيد إنتاج نفسها عبر سوبرمان من نوع هوليوودي جديد ، فإذا بمنتصري الأمس في الحرب العالمية الثانية يقعون في ذات الفخ القاتل للأوهام العرقية السلالية، والشاهد على ذلك تلك الصورة النمطية الظالمة التي تقدم عن الشعوب غير المنتمية لبيئة اليانكي وثقافة الكاوبوي . تلك واحدة من تداعيات مابعد القراءة المتأنية لسرديات ماركيز الخلاسي الكولومبي الذي تطهر من ثقافة الأقحاح الشيطانيين . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك