منذ بداية الأزمة الدستورية في مصر وحتى الآن وأنا وغيري كثيرون نتحاشى الكتابة حول ذلك ، خوفا من الإرهاب الفكري الثوري الجديد ، وحتى لا نصير في غمضة عين من أعداء الثورة الربيعية التي اجتاحت العديد من الأنظمة العربية والتي لم تنج منها سوى الأنظمة الملكية في الوطن العربي ، وحتى لا نصبح ودون أن ندري من بقايا الأنظمة الدكتاتورية السابقة التي كانت قائمة في مصر وتونس واليمن أو من فلولها .. حيث صارت التهمة جاهزة وعلى طرف لسان أو سنة قلم أي متشنج من ثورجيي الوقت الحاضر ، الذين لا يقبلون أي رأي آخر ، حتى ولو أتى من باب النصيحة والحرص على نقاء الثورة الشبابية واستمرارها وديمومتها ، لأن أغلب أولئك المأزومين والمتشنجين يرون أن ثورات الربيع جاءت بوحي من السماء ، لا يأتيها الباطل أبدا ، وكأن من قاموا بها ليسوا من البشر يخطئون ويصيبون ، وإنما هم ملائكة أو مدعومين من ملائكة نزلوا من السماء ليثوروا معهم كما حاربوا مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم جميعا .. فكيف إذا كان من يكتب أو سيكتب عنهم هم قدس الأقداس في عرف الثوريين الجدد ومن الأولياء الصالحين المعصومين كأمثال محمد مرسي مبارك ومرشده العام ، فذلك كفر بواح وزندقة صريحة ، ذلك ما استشفيته وعرفته ليس من خلال ما تبثه وسائل الإعلام الرسمية في مصر ولا من خلال الوسائل الإعلامية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين هناك ، وإنما من خلال ما أقرأه وأسمعه وأراه في الوسائل الإعلامية الرسمية محليا أو التي هي محسوبة على الأحزاب أو المنظمات الإسلامية من صحف وقنوات فضائية يمنية .. وإذا بنا وبهذه الثورات الربيعية قد استبدلنا بدكتاتورية الثوار الربيعيين أو من دعمهم وساندهم ومولهم عوضا عن الدكتاتوريين السابقين من حكام وأنظمة ومسئولين ، فمن تفوه بكلمة أو رأي لا تتوافق مع توجه الثوار أو مع من سرقوا الثورة من أصحابها ، فهو من الفلول ومن أتباع الأنظمة السابقة ، حتى لو كان مشهودا له بالنزاهة والشرف أو معارضا للأنظمة السابقة ، فذلك لا يغفر له هفوته التي خرج بها عن إطار الثورجيين أو الكتاب الجاعلين من أقلامهم سيوفاً ورماحاً حداد تسكت أو تكمم أفواه كل من يتطاول على الثورات الربيعية أو على من سرقوها بالذات واحتكروها ، سواء في مصر أو في اليمن تحت ذريعة حماية الإسلام .. وإذا بالذين كانوا يصرخون ويولولون منادين ومطالبين بحرية الرأي والكلام صاروا هم من يطفئها ويسعى لتكميم الأفواه ، حتى صرنا نقول ( رحم الله النباش الأول ) فهو على الأقل سواء كان مبارك أو صالح أو غيرهما كانوا صرحاء في بطشهم وحجرهم على الحريات والآراء العامة ، فلم يكونوا يمارسون دكتاتوريتهم تحت شعار الثورة والحرية ومصالح الوطن ، فقد كانت لهم تهم أخرى خاصة بهم ، أما أن نحارب ونضطهد وتكمم أفواهنا تحت ذريعة الثورة والحرية والانتماء للأنظمة السابقة فهذا عسف وظلم نتعوذ منه ونرجو من الله أن لا يسلط علينا من يذبحنا ويكتم أنفاسنا قربانا للثورة ولجماعة الإخوان حتى لا نعارضهم ونقول فيهم رأيا لا يرضونه .. ولذلك آثرنا السلامة طوال المدة الماضية ، ولكن الماء الذي في فمي أبا إلا أن يخرج فبحت بما لن يرضى عنه دعاة وحماة الثورات الربيعية من كتاب وسياسيين وغيرهم ، فلي تجربة بذلك سابقة ، فلأني قلت قبل أشهر مضت من باب الرأي ليس إلا ، بأن من حق أحمد علي عبد الله إبن الرئيس السابق أن يرشح نفسه في الانتخابات القادمة كمواطن يمارس حقه الدستوري ولأنهم ليسوا واثقين من شعبتهم قامت الدنيا ولم تقعد فقد تناولتني أقلام الثورجيين ونهشتني ولم تبق لي أية فضيلة أو مكرمة ، بأني فرطت وأضعت تاريخي المجيد الذي لا أعلمه وأني خرفت على كبر وهلم جرا .. فكيف إن تجرأت وتناولت قدس الأقداس محمد مرسي مبارك كما يسميه عامة المصريين الآن وتنظيمه ؟ الذي ليس له هم إلا تعزيز حكمه وتحصين نفسه وحزبه من أي نقد أو اعتراض شعبي أو قضائي أو عسكري ، فلا شك أنها الطامة الكبرى فربما يطالبون مني الاستتابة وتجديد إيماني كما يحدث الآن لبعض الأشخاص في مصر ، حتى صار من يريد الجنة ونعيمها فعليه التصويت ب (نعم ) لدستورهم المفصل على مقاسهم الذي لا يأتيه الباطل لا من قبله ولا من خلفه ولا من فوقه ولا من تحته ، أي أن دخول الجنة وصحة إسلام المرء لا تتم ولن تكون إلا بالإقرار الكلي بكل ما يصنعه الإخوان هناك والإصلاح هنا في اليمن ، وعليه لا يسعني إلا أن أستغفر الله سبحانه وتعالى على كل ذنب فعلته وقول تفوهت به ، فهو وحده الغفار والعالم بالسرائر قابل التوبة الغفور الرحيم ، وأعوذ بالله من الكفر والمكفرين ودعاة الفرقة المبطلين تحت ذريعة حماية الإسلام الذي لن يحميه ويذوذ عنه بصدق إلا الصادقين المتجردين من أهواء الدنيا ومن نزعات السلطة والتسلط أجمعين .. أين عبد الحبيب سالم من تكريم النقابة ؟! حسن جدا ما صنعته وفعلته نقابة الصحافيين في تكريم أكثر من سبعين من أعضائها منهم الشهداء والجرحى والرواد والمؤسسين للعمل الصحافي في البلاد ، فذلك صنيع تشكر عليه قيادة النقابة ، فهم بذلك جسدوا عرفانا بأدوار من سبقوهم وكان لهم الفضل الكبير في إنجاح الصحافة اليمنية خلال قرن مضى .. وفي خضم هذا التكريم نرى أن هناك عدداً ممن يستحقون التكريم تم تجاهلهم ونأمل أن المانع خير إنشاء الله ، فهناك المرحوم الأستاذ عبد الحبيب سالم مقبل صاحب (الديمقراطية كلمة مرة ) الذي توفى في ظروف غامضة ، من حقه أن لا ينسى هو وأمثاله ، فقد كنا نتوقع أن يكون على رأس قائمة المكرمين مثله كمثل رفيق دربه ( محي الصحف وهي رميم ) الأستاذ المرحوم عبدالله سعد محمد صالح الحميدي المعبقي ، فأمثال المرحومين بإذن الله تعالى عبد الحبيب سالم وعبدالله سعد وعز الدين سعيد أحمد الأصبحي لا ينسوا أبدا .. وتلافيا لما حدث في النقابة أتمنى على الزميل العزيز الأستاذ سمير رشاد اليوسفي أن يبادر لتكريمهم في مؤسسة الجمهورية بحكم أنهم ترعرعوا ومارسوا الصحافة ونجحوا عبر صحيفة الجمهورية مدرسة الجميع حتى صاروا أعلاما بارزة في سماء الإعلام والصحافة والعمل المدني والنيابي البرلماني ، فذلك عرفانا لهم وبهم من المؤسسة التي انتسبوا إليها ونجحوا فيها وبها .. ولا شك أن الزميل العزيز سمير لن يتقاعس عما طرحته فهو المبادر لكل مكرمة والله الموفق والهادي والمعين .. رابط المقال على الفيس بوك