عقب اندلاع ثورة 26 سبتمبر1962م قادته قدماه وهو في ريعان الشباب سيراً من مسقط رأسه في أبين عبر محافظة البيضاء مروراً بالشعاب والوديان والجبال وصولاً إلى صنعاء التي كانت تحتدم حولها المعارك في محاولة يائسة لإسقاط النظام الجمهوري الذي هب للدفاع عنه كل أبناء الوطن في الداخل والخارج وفي اصطفاف غير مسبوق لترسيخ مداميك النظام الجديد لتحرير الإنسان من أغلال ورواسب النظام الإمامي البغيض. وشأن الرجل كشأن غيره من المناضلين الثوار الذين هبوا من جنوب الوطن لنجدة إخوانهم في الشمال للدفاع عن الثورة وقد اجترحوا من أجل هذه الغايات أروع البطولات دفاعاً عن هذه القيم الحضارية للمجتمع اليمني الجديد. ولم يدرْ بخلد الرجل وهو يقطع تلك المسافات الطويلة والشاقة أنه سيكون على موعد مع القدر ذات يوم بعد رحلة من العطاء مدافعاً عن الثورة الأكتوبرية أولاً في شتى المواقع والأعمال الفدائية ضد الحكم الإنجلو-سلاطيني والمحميات البريطانية في الجنوب.. وثانياً في استبساله ورفاقه دعماً لإخوانهم في الشمال ضد الحكم الإمامي المغرق في التخلف, فضلاً عن استبساله ورفاقه في مختلف المعارك دفاعاً عن تلك القيم الحضارية التي أسس لها الأحرار اليمنيون منذ مطلع أربعينيات القرن المنصرم. لقد كان الرجل واحداً من ملايين المواطنين الذين عانوا من نكوص الثورة اليمنية ( في الشمال والجنوب) وارتدادها عن أهدافها وتطلعات روادها , فكان – وغيره - عرضة لسلبيات تلك المراحل بكل تداعياتها وانعكاساتها السلبية على حياة اليمنيين , سواء في شمال الوطن أو في جنوبه بشكل عام , ولكن الرجل – رغم تلك الظروف- لم يدخر وسعاً أو يهدر وقتاً في المنافحة عن مبادئ وقيم الثورة اليمنية في التحرر والاستقلال, متسلحاً بإيمان عميق وعزيمة لا تلين على الصمود في وجه كل التحديات التي تعترض مجرى التحولات العميقة في نهر حياة اليمنيين فضلاً عن إيمانه بقدرة الشعب في صياغة وإنجاز مشروعه الحضاري لإقامة الدولة اليمنية الحديثة والمتطورة. وعندما لاحت اللحظة التاريخية , كان الرجل بين خيارين أحلاهما مر فإما قبول التحدي في تحمل قيادة مسئولية البلاد في ظروف عصيبة وحالة مشحونة بالتوتر , حيث كان فتيل الاقتتال قد اشتعل داخل العاصمة وكثير من المدن اليمنية, وإما أن يرضخ الرجل لخيار الانسحاب من التصدي لهذا المعترك الفاصل بين أن تكون اليمن أو لا تكون. والحقيقة لم تكن فدائية الرجل في الانتصار لمصلحة الوطن تسمح له باللجوء إلى خيارات الانسحاب , بالنظر إلى “الكاريزما”القوية والصارمة التى يتمتع بها وبخاصة عندما يتعلق الأمر بسلامة أمن واستقرار ووحدة الوطن , وكذلك روحه الوفاقية التي جبل عليها وجعلت من شخصيته نقطة التقاء في لحظة تاريخية فاصلة, سواء للأطراف المعنية بالأزمة أو تلك الأطراف الإقليمية والدولية التي رعت المبادرة الخليجية للتسوية في اليمن, حيث عززت كل هذه القناعات من إرادة الجماهير التي خرجت بإرادتها – وعلى نحو غير مسبوق – لانتخابه قائداً لفترة من أكثر فترات التاريخ اليمني المعاصر تراجيدية, لا يستطع أحد الإقدام على إدارتها لطبيعة مصاعبها وتحدياتها وإشكالياتها, ما لم يكن يتحلى بروح الإقدام والاقتدار وقوة العزيمة وفطنة الحكمة التي كانت جميعها عوامل مكنت الرجل من تخطي تلك التحديات الخطيرة والتي كادت الواحدة منها أن تدفع بالبلد إلى مآلات غير محمودة النتائج. وهاهو الرجل يواصل قيادة الوطن بتخطي تلك العقبات الواحدة تلو الأخرى مؤسساً لتقاليد جديدة في إقامة أسس الدولة اليمنية الحديثة والمتطورة التي ناضل من أجلها اليمنيون طويلاً, وهي مهمة ليست بالسهلة أوالهينة بالنظر إلى حجم تركة موروث الماضي من التخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل, خاصة أن الرجل قد وضع أصبعه – ومنذ البداية – على الجرح الذي يؤرق كل اليمنيين والمتمثل في البحث عن صيغة لشراكة مجتمعية قائمة على قيم العدل والمساواة والحرية والديمقراطية وتحت ظلال سيادة القانون ومتناغماً مع أشكال الحداثة ومتطلبات العصر.. وهي الصيغة التي تتطلب من جميع الفرقاء أن يلبوا نداء التضامن والألفة ونبذ الفرقة والاصطفاف الوطني إلى جانب الرجل ومساعدته في إخراج البلد من أسر مترتبات الأزمة والعمل بروح واحدة ومخلصة من أجل تحقيق هذه الغايات والتطلعات الوطنية النبيلة وذلك من خلال المساهمة الفاعلة في الحوار الوطني الشامل الذي يعول عليه اليمنيون والمحيطان الإقليمي والدولي كل الأمال بأن تكون مخرجاته إيذاناً بانطلاقة المارد اليمني من القمقم الذي ظل – لعقود طويلة – حبيساً داخل أسر التناقضات الاجتماعية واستفحال المسلكيات الأنانية للأفراد والأحزاب على حد سواء. باختصار هذا الرجل الذي يستحق لقب العام عن جداره هو الأخ المناضل عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية الذي قادته العناية الإلهية لأن يكون مخلًّصاً للوطن من أسر كل تلك التحديات والأزمات.. خاصة واليمنييون يتطلعون معه و به إلى أفق جديد تلوح معالمه بالبشر والخير والسؤدد.. وعامكم سعيد. رابط المقال على الفيس بوك