اليوم الخامس والعشرين من ديسمبر 2012 استيقظ الأطفال في أوروبا من الصباح الباكر وهم على موعد مع الكريسمس. الطقس شتوي بارد.. لذا فقد ارتدى كل منهم على عجل ملابس الشتاء الصوفية، وأخذوا أغذيتهم وكراتهم وألعابهم المختلفة التي أعدتها الأمهات من الليل كأنما على موعد مسبق مع فرح العام الجديد. لا ينسى الأطفال كعادتهم في القارة، وهم يهمهمون إلى الحدائق والمنتزهات والشواطئ بأغذيتهم وألعابهم أن يحملوا الحبوب للبط ودود السمك للبجعات حين يداعبونها، حلق بابا نويل كعادته في سموات القارة يتأكد في طوافه من الأنوار الملونة المعدة البهيجة في الشوارع والحدائق والمنتزهات، والزينة التي تبدعها المؤسسات من كل عام في هذه المدن، وأكثر وأكثر مرح الأطفال وصخبهم وابتهاجهم بالعام. هابي تو يو Happy new year هنا الناس يتبادلون التهاني اطمأن بابا نويل إلى ابتهاج المدن بأنوارها المشتعلة، و حركات الناس وتهانيهم بالفرح والسرور عند ذلك غادر القارة إلى السماوات الأخرى...سماوات العرب على أن يعود إلى سماوات البهجة ليلة رأس السنة. في ليبيا شاهد مالم يتوقع فقعت عينيه مناظر الناس يتمنطقون الأسلحة والقذائف على أكتافهم كأنما سيخوضون حرباً أبدية مع أنفسهم جثث أطفال بين أنقاض وخرائب خمن سقطوا أثناء الحلم، في سماء العراق يهرول الناس في الأسواق والشوارع على عجل كأنما الموت يتربص بهم في كل الأماكن ..أن تنفجر قذيفة هنا أو يفجر أحدهم نفسه بعبوة ناسفة هناك ولا أطفال في الملاعب والحدائق، في سوريا يتساقط الناس والشباب في الشوارع، ولا أثر لأطفال في شوارع ولا ملاعب، في مصر تضطرب مدنها ويغلي تحريرها، ولا يبدو أن الناس مسلميها وأقباطها على مايرام في هذا الكريسمس «مالذي يجري في مدن هؤلاء العرب!؟» لا أنوار في مدنهم ولا سرور في سحنات الأهالي ولا أطفالهم يحلمون بمرح ولا شقاوة في الحدائق حلق البابا في سماء اليمن كانت المدن والشوارع والقرى مظلمة، في الأرض شاهد متاريس من أكياس الرمال، وأكوام الأتربة تسد الشوارع والأحياء ومداخل البيوت والأزقة، الظلام يعم كل شيء عدى أضواء فوانيس شاحبة وشموع تداعبها نفحات الصقيع مالذي يراه الآن في هذا البلد السعيد ..صبية صغار.. في عمر الزهور يتمنطقون البنادق على أكتافهم وحديد الأر بي جي أطول من قاماتهم، وعمرها يتجاوز سنين أعمارهم شاهد أجسادهم تنتفض من براد الليل فليس من شيء يغطي تقوسات ظهورهم سوى تلك الستر الميري سيئة الدفء...لا ينتظرون شيئاً هؤلاء الصبية ولن يحتفلوا وربما لم يسمعوا بشيء اسمه الكريسمس، حلق على بعض البيوت والأحياء في شتى ربوع اليمن فلا شيء فيها يشي بالحياة، الأطفال مفزعين لا يحلمون بهدايا أو لعب والنائمون يتنفسون غبار الأتربة وروائح البارود قد يطلق صبي رصاصة، أو قذيفة بطيش منه في مزحة لعب.. فيشتعل الليل يضيء سماء صنعاء بالقذائف في شمال صنعاء، وفي أحياء مدينة تعز رأى خرائب بيوت سحقت بالقذائف تناثرت بين انقاضها دمى عرائس وعجلات سياكل وألعاب أطفال.. حدس أن ثمة أطفال سقطوا هنا تلك المدن وهذه المدينة التاريخية ما الذي سيهنأ الناس هنا بعضهم “هابي متاريس” ابتسم بألم، خذيني لملميني أيتها العذراء لك المجد.. الأطفال يشيبون هنا، حمل بابا نويل العابه وهداياه مثقلاً وعاد إلى أوروبا. كانت الليلة أواخر شهر ديسمبر يودع العام القديم العام الجديد بأمنياته الطيبة له، والعام الجديد يطبطبه بالأفراح والأنوار المشتعلة في كل سماء أوروبا، طاف بابا نويل بالأطفال مثقلاً ووزع لهم الحلوى والهدايا “هابي تو يو بابا نويل” “هابي New Year أحبائي الأطفال”. لاحظ الأطفال ملامح حزن على وجهه رغم مداراته بالابتسامة، قال له بعض الأطفال وهم يتطلعون إلى سحنته بدهشة “بابا نويل لما أنت مش مسرور في هذه الليلة؟!” “لما أنت حزين بابا في الكريسمس!؟” تطلع إليهم مكتئباً “هناك أطفال العرب يا أحبائي ينامون في هذه الليلة بين الظلام والخوف والرصاص.. أحلامهم كوابيس وملامحهم طافحة بأحزان السماء والأرض، لذا فلم يمدوا أيديهم لهدايا ولا لعب. في بلاد اليمن شاهدت صبية صغار مدفونين بين أكوام التراب في الازقة والشوارع.. أجسادهم ترتعد من البرد، وبنادق الرصاص تذوب على اكتافهم.. لا أعرف لما يتربصون ببعضهم في الظلام؟! في الجانب الآخر من المدينة ثمة فلل تضحك بالضوء، الموت يتربص بطفولتهم جميعاً، ولا يعلمون بعيد الكريسمس ولا رأس السنة. لذا كانت نظرات أصدقائكم الأطفال في اليمن لي بلوم.. لوم يا أحبائي كأنما يطلبون حملة، لكم قرأت في وجوههم لما يا بابا نويل أطفال العالم يفرحون ويلعبون مسرورين في كل عام ويحلمون، ونحن نموت هنا.. لما لا يوقظون أصدقاؤنا الأطفال في أوروبا من أجلنا غفلة العالم؟! لم يأخذوا اللعب ولا الهدايا التي حملتها لهم.. لذا أنا حزين جداً يا أحبتي على أطفال اليمن. رابط المقال على الفيس بوك