الديمقراطية حق وقيمة تناضل كل شعوب العالم من أجل تحقيقها، فكم ضحت من أجل تحقيقها الشعوب وارتوت معظم شوارع وميادين مدن العالم بدماء آلاف البشر قتلوا وشردوا من أجل إرساء دعائمها فتحققت للكثير من الشعوب ولازال البعض يناضل من أجل تحقيقها ومن هذه الشعوب شعوبنا العربية التي أصيبت بداء الديكتاتورية من قبل حكامها الذين طغو وبغوا وحولوا شعوبهم إلى رعايا تتبعهم لا يمتلكون الحق للمطالبة بحقوقهم التي سنتها شرائع السماء وقوانين الأرض في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، عقود طويلة من الزمن وشعوبنا العربية تعيش الإذلال والقهر والخوف والفقر من قبل حكامها، ثرواتها مستباحة للقلة من الحكام ومن وآلاهم وقاربهم فأثروا ثراءً فاحشاً وصل إلى حد التخمة لأنها مغتصبة من جهد وعرق الشعوب، وعاشت الغالبية العظمى من مواطني شعوبنا العربية تعاني من أبسط متطلبات الحياة في حياة حرة وكريمة كما هو حال بعض شعوب العالم التي نفضت عن كاهلها غبار الذل والعبودية وتمردت على الواقع الذي فرضته الطبقات الحاكمة المستغلة لقوتهم وعرقهم فكان لها ما أرادت والتي تنعم اليوم بالرخاء والحرية والديمقراطية فلا فرق بين حاكم ومحكوم والقوة الحاكمة فيها هو الدستور والقانون الذي ارتضاه الجميع وعملوا على حمايته فظل يظلل الجميع بالعدل والمساواة، ومن خلال هذا الواقع السليم استطاعت مثل هذه الشعوب أن تنمو وتتطور حتى وصلت إلى مبتغاها في تحقيق أهدافها ومراميها، لأنها وجدت في أوضاعها القائمة أنها صاحبة الشأن وأن جهودها لم تذهب إلا إلى الصالح العام بعيداً عن الجيوب الخاصة التي كانت ترى في ثروات الشعوب حقاً خاصاً بها، لهذا أقول إن بعض شعوبنا العربية قد صحت من نومها وغفلتها فأرادت أن تتمرد وتثور على واقعها الذي أورثها الفقر والجوع والتخلف فتتابعت الثورات فسقط من سقط من الأنظمة ولازال البعض يقاوم كما هو الحال في سوريا، وهنا لا نشطح ولا نقفز فوق الحقيقة ونقول بأن ثورات الربيع العربي قد نجحت وحققت أهدافها، فهي لاتزال تعاني الكثير من الصعوبات والعراقيل فمن الطبيعي ومن سنن الحياة أن كل ثورة لها ثورة مضادة تتمثل فيها القوى التي فقدت مصالحها سواءً كانت قوى عسكرية أو مدنية أو غيرها وما هو قائم في بلدان الربيع العربي من خلافات وصراعات ومصادمات إلا تأكيد للحقيقة التي تؤكد ذلك وهذا الواقع لا يعني أن ثورات الربيع العربي قد فشلت أو ستفشل، فالأمر ليس كذلك فحقائق التاريخ ماثلة أمام أعيننا فليس هناك ثورة شعبية فشلت قد تكون البعض منها قد واجهت العراقيل والصعوبات، لكن لن تفشل فعجلة التاريخ قد دارت ولن تعود إلى الخلف فهذا هو زمن الشعوب التي أرادت أن تغسل عن جبينها عار الذل والعبودية الذي فرض عليها لعشرات السنين، إلا أن المطلوب من ثورات الربيع العربي أن لا تكرر أخطاء الماضي والذي قامت على أنقاضه فلابد لها من أن تغرس قيم الديمقراطية الحقة وأن تعمل وتجاهد بكل قوة من أجل بناء دولة مدنية حديثة تستطيع أن تنتقل بواقع شعوبها إلى مستوى الأهداف المرفوعة والتي لن تحيد عنها الشعوب. رابط المقال على الفيس بوك