يعلم كافة المعنيين والمهتمين بالشأن الثقافي والإعلامي أن مكتبات قطاع التلفزيون عامرة بإنتاج فني قيم يشمل العديد من الأغاني الوطنية و العاطفية والتواشيح الدينية واللوحات الاستعراضية لعدد من الفنانين اليمنيين المعروفين الشباب والمخضرمين ، الأحياء والمرحومين .. بجانب عدد من المسرحيات المحلية لفرقة المسرح الوطني ، ألفها بعض كبار كتاب المسرح المرموقين .. أمثال أديب اليمن الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح ، والمبدع عبد الكافي محمد سعيد ، والشاعر الكبير محمد الشرفي ، والكاتب المتميز محمد مثنى وغيرهم من المبدعين اليمنيين .. إضافة إلى بعض المسرحيات العالمية لأشهر الكتاب في العالم ، أمثال ( شكسبير ) و ( جان راسين ) وغيرهما ، وشارك فيها نخبة من الممثلين ، وأخرجها كبار المخرجين .. وقام قطاع التلفزيون مشكوراً بتصويرها وتوثيقها في الفترات الماضية .. لكن ذلك الإنتاج المتنوع للأسف ظل حبيس رفوف مكتبة التلفزيون الثرية .. وحُرم المشاهد من الاستمتاع به إلا النزر اليسير من أغاني بعض الفنانين التي ربما تروق بشكل خاص للقائمين على شئون التنسيق والمكتبات في الساعة السليمانية.. ولسنا هنا بصدد توجيه الاتهام لأي أحد بالتقصير أو الإهمال أو التجاهل لذلك الإنتاج الفني القيم لفناني اليمن .. لكننا نعاتب الإخوة الأكارم المعنيين بالأمر الذين يعلمون تمام العلم بما تشكله تلك الأعمال الفنية من أهمية وتفرد ، ونهمس في آذانهم بأن لدينا ثروة فنية في مكتبة التلفزيون لا تقدر بثمن .. ولا ينبغي حرمان المشاهد منها وبالأخص في ظل ما يشوب الساحة الفنية المحلية والعربية من إسفاف وعبث في كثير مما يقدم عبر العديد من القنوات التلفزيونية الفضائية .. ويتسبب في إفساد الذائقة العامة وخاصة لدى فئات الشباب والأطفال .. ومحاربة القيم والمبادئ والأخلاق السامية بمختلف الأساليب والأشكال .. ويأتي ذلك في إطار المحاولات المستمرة للقضاء على الهوية الثقافية العربية من خلال انتشار الثقافة الاستهلاكية على مستوى العالم ، وبالأخص على الساحة الثقافية الإعلامية العربية .. ولا شك أن ذلك يؤكد أن الثقافة العربية تواجه تحديات كبيرة جراء ما جلبته العولمة من أوضاع تهدد هويتنا الثقافية وقيمنا السامية .. في ظل المتغيرات المتسارعة في مجالات الاتصالات والمعلومات ، وفي ظل التحول إلى ثقافة الصورة والفضاء الذي نقل الإعلام نقلة كبرى جعلت للتلفزيون بالغ الأهمية .. للدور الفاعل الذي يمكن أن يلعبه في مجال الثقافة إذا ما تم توظيفه بصورة إيجابية .. ولذلك فالاهتمام بالمنتج الثقافي الإبداعي من حيث الكيف ، وتفعيل دور الفنون في المجتمع من أهم العوامل التي تعزز قيمة الهوية والخصوصية الثقافية .. يضاف إلى ذلك ضرورة العناية بالإبداع المحلي وحمايته وتشجيع المبدعين في كافة المجالات الفنية .. ثقتنا كبيرة في إدراك الإعلاميين المخلصين بقطاع التلفزيون لخطورة المواجهة غير المتكافئة حتى هذه اللحظة ، وننتظر أن يبادر الجميع بتقديم الدعم والتشجيع اللازم للمبدعين الحقيقيين في يمن الإبداع والحضارة .. والسعي دون توان لاكتشافهم والعمل على استقطابهم لتقديم إبداعاتهم عبر الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة على أفضل صورة .. والتأكيد على إيمان كل منهم بقدراته الذاتية وتفاعله المستمر مع المعطيات الحضارية المتطورة .. والعمل بالمقابل على محاربة الإسفاف و( اللافن ) أو ما يسمى تجاوزاً بالفن الرخيص أياً كان مصدره .. والبداية هي المبادرة بالاهتمام ببث ما تكتنزه مكتبة التلفزيون من مواد فنية قيمة سواء كانت غنائية أو مسرحية .. وهنا لابد أن نؤكد على أن كل ما طرحناه كان بدافع الحرص - الذي نثق أن المعنيين يشاركوننا إياه - على تميز قنواتنا التلفزيونية اليمنية .. وإسهامها الفاعل في مواجهة العبث المتنامي في العديد من القنوات الفضائية .. وتلك هي القضية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك