عرض/ علي مهدي الذهب عن وزارة الثقافة والسياحة للعام 2004م صدر كتاب (القنوات الفضائية في عصر العولمة) وهو عبارة عن دراسة في (الثقافة الوافدة وسلطة الصورة) ولذا فيعد الكتاب بمثابة رافد من روافد المكتبة الإعلامية اليمنية بما يحتويه من مفردات بالغة الأهمية وجزئيات إعلامية تطرق إليها (المؤلف) لم يسبق أن تطرق له أحد غيره. يتسهل الدكتور/ وديع العزعزي (الأستاذ بكلية إعلام جامعة صنعاء)- الكتاب مقدمة أوضح فيها: أن التلفزيون (شغل مكانة خاصة في العملية الإعلامية في عصر بات يسمى (عصر العولمة)، فقد ورث ما هو إيجابي في الصحافة أي النص وقدرته الاتصالية، وجمع إليه مزايا الإذاعة أي حيوية الصوت البشري ودراميته، واستعار من السينما الصورة والحركة، كما استفاد من الخبرة المسرحية في قوة الحضور وحيوية الحوار ليهضم تلك المعطيات المتنوعة ويمتلك لغة تعبيرية خاصة به. وأمام هذه الوسيلة الاتصالية، وبما تمتلكه من خصائص متعددة أصبح التلفزيون يؤدي وظائف عديدة من بينها التثقيف، ولاسيما إذا استثمرت هذه الامكانات، وتم التخطيط لها بأسلوب علمي بحيث يستطيع أداء وظيفته الثقافية بما يخدم المجتمع، ويسهم في النهوض بوعي الإنسان، ويصون الهوية الثقافية للأمة). ويرى أنه (إذا كان التلفزيون قد أصبح وسيلة مهمة لنقل الثقافة إلى الناس، فإنه أيضاً للإنتاج الثقافي، ومن ثم فإن كل ما يبثه له تأثير ثقافي معين سواءً أكان إيجابياً أم سلبياً، مما يعني أنه قد يتم توظيفه لنقل ثقافة ذات مضامين سطحية واستهلاكية مغايرة للقيم الثقافية الخاصة بالمجتمع). وأضاف في مقدمته للكتاب (مما لا شك فيه هو أن مسألة الهوية في علاقاتها بما يفد من المضامين عبر القنوات الفضائية باتت فعلاً ذات أهمية ولاسيما في ظل سياسات العولمة، فالقنوات الفضائية أضحت اليوم الأداة بل السلاح الأكثر فاعلية في صراع الثقافات وهو صراع سيكون العقل الإنساني ساحته والهوية الثقافية هدفه ومن هنا تنبع أهمية دراسة المضمون الثقافي الذي تعرضه القنوات الفضائية). وأكد في ختام مقدمته للكتاب أنه "لاسيما أن العديد من الدراسات والبحوث التي أجريت حول القنوات الفضائية العربية تؤكد ضعف الوظيقة الثقافية لدى أغلب القنوات، وطغيان الوظيفة الترفيهية التي تقدم مضموناً سطحياً ومبتذلاً، يستهدف في أحيان كثيرة الهدم، ويعكس ثقافة الصورة التي تروج لها القنوات الفضائية العالمية". ثم طرح تساؤله (هل توظف هذه الفضائيات إمكاناتها البشرية والمادية الفنية في خدمة قضايا المجتمع العربي من خلال إنتاج وعرض خطاب ثقافي يعكس في مضمونه السياسات والأهداف التي رسمتها مؤسسات الإعلام العربي المشترك؟!). ولقد حاول مؤلف الكتاب الدكتور/ وديع في هذه الدراسة الإجابة على هذا السؤال المطروح سلفاً من خلال أربعة فصول: (الفصل الأول يتضمن الوظيفة الثقافية للتلفزيون، الفصل الثاني يتحدث عن ثقافة الصورة، بينما يتضمن الفصل الثالث واقع القنوات الفضائية العربية، ويتضمن الفصل الرابع والأخير واقع البرامج الثقافية في القنوات الفضائية العربية). ففي الفصل الأول من الكتاب (الوظيفة الثقافية للتلفزيون) يتحدث المؤلف في بدايته عن خصائص التلفزيون من حيث كونه وسيلة اتصال ثقافية، ومن ثم الحديث عن التلفزيون ومشكلة الثقافة موضحاً (أن الإعلام هو وسيلة الثقافة للانتشار، فهو يعطيها الشكل والوسيط وهي تعطيه المعنى والروح، فالثقافة هي ذلك الجوهر التي تحويه وسائل الإعلام الذي يستخلصه القارئ أو المستمع أو المشاهد منها، بل إنه ينظر إلى وسائل الإعلام على أنها أحد العناصر المكونة للثقافة، لأنها عامل من عوامل اكتسابها وثرائها، ولكونها تساعد على التعبير عنها ونشرها، ويأتي التلفزيون في مقدم وسائل الإعلام لما يتسم به من سمات خاصة مكنته من القيام بوظيفة التثقيف)، وطارحاً عدد من التساؤلات ومتحدثاً عن أبرز السمات الإيجابية والسلبية للوظيفة الثقافية للتلفزيون. وفي الفصل الثاني (ثقافة الصورة)، متحدثاً الدكتور/ العزعزي في البدء عن تطور الصورة وخصائصها الانتقالية، ثم عن الصورة في التلفزيون وخصائصها، وعن صناعة ثقافة الصورة حيث يرى أن القنوات الفضائية تبدو اليوم أكثر ميلاً لعرض الصورة الخاطفة البراقة التي تنشئ واقعاً مصطنعاً بدل الواقع العيني، إنها تعلمنا استهلاك الصورة لا قراءتها، وفي رابع مفردات الفصل يتناول موضوع ثقافة الصورة وأيديولوجيا السوق، وفي آخر الفصل يتحدث عن بنية ثقافة الصورة وأبرز المكونات الأساسية التي تشكل ملامح البرامج ومحتوياتها. وفي الفصل الثالث يتناول المؤلف (واقع القنوات الفضائية العربية) متحدثاُ في البدء عن الواقع البرامجي في القنوات الفضائية العربية، ثم عن واقع اللغة العربية فيها، وكذا واقع الإنتاج التلفزيوني الفضائي العربي، وأخيراً واقع التنسيق بين القنوات الفضائية العربية، مشيراً إلى (أن حاجة الأمة العربية إلى قناة تلفزيونية ثقافية عربية يأتي من كونها هي الوسيلة المثلى للتواصل الثقافي بين أبناء الأمة العربية). وفي الفصل الرابع والأخير من الكتاب يطرح (المؤلف) موضوعاً مهماً يتمثل في (واقع البرامج الثقافية في القنوات الفضائية العربية) متناولاً الموضوع من جانب تقييمي ومستنداً على الكثير من الحقائق والإحصائيات والأرقام، ابتداءً بالحديث عن الاهتمام العربي بالشؤون الثقافية، ثم أهداف البرامج الثقافية العربية، وأخيراً عن واقع البرامج الثقافية في القنوات الفضائية العربية، ومؤكداً على أن إنتاج البرامج الثقافية في الفضائيات العربية ما زال يحتاج إلى عناية كبيرة وتفعيل أكبر، وذلك من خلال رصد اعتمادات مالية مناسبة تغطي احتياجات الإنتاج الثقافي المتنوع.