لحظة أن تحركنا في المدينة على الطريق في الجزء الشمالي الغربي منها، وهي طريق تبوك، طالعنا مبنى أضخم مدينة طباعية في العالم تختص بطباعة القرآن الكريم.. إنه مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وهو رمز سعودي جديد يوقظ فيك مشاعر وأحاسيس مريحة مليئة بالاعتزاز.. وحين يأذن لك باب المجمع بالمرور إلى الداخل.. يحتويك الفضاء الرحب ويسرق منك ناظريك لتطلق البصر ملياً ومن الوهلة الأولى في تلك الحدائق المنسقة بإتقان حول المباني والممرات وكأنها لوحة فنان تأسر الألباب..! أما داخل المبنى الرئيسي في القاعة الرئيسية فيخطف نظرك مجسم فني يتخذ شكل المجمع بكل تفاصيله وجزئياته.. ومجسم للمصحف.. ومن ثم المطابع وآلات تعمل وكأنها تعزف سيمفونية إيقاعية تشدك إليها بلهفة وهي تنتج هذا المصحف العزيز إلى قلبك.. كان الزميل المختص في المجمع قد قدم لنا شرحاً قال فيه: إن هذا المجمع هو مركز علمي وصناعي لخدمة كتاب الله، يقدم للمسلمين في أنحاء العالم القرآن الكريم وتفسيره مطبوعاً باللغة العربية واللغات الأخرى الحية، كما يقدمه مسموعاً في أشرطة مسجلة، ويضيف قائلاً: تقوم الهيئات العلمية فيه بمراجعة الضبط والرسم للنسخ المطبوعة في المجمع وفق القراءات المعتمدة.. كما تقوم بضبطه متلواً ومجوداً وتصدر الترجمات الدقيقة لمعاني القرآن الكريم، وتقوم الهيئات الفنية فيه بطباعته وتسجيله بأحدث الأجهزة، وتبدو مراحل الطباعة في الواقع معقدة ودقيقة، وتتطلب وقتاً وجهداً وإمكانات هائلة..! الطباعة تتم بأحدث ما وصلت إليه تقنيات الطباعة، وهو أول مجمع في العالم يقوم بإنتاج كافة أنواع إصدارات المصحف الشريف، وقد بلغت تكاليفه «1000» مليون ريال، وتبلغ طاقته الإنتاجية مع نهاية العام الحالي «16» مليون نسخة سنوياً، وتمكن المجمع منذ إنشائه في عام 1405ه «1984» حتى الآن من طباعة أكثر من «260» مليون نسخة من المصحف الشريف تشمل «51» إصداراً تم توزيعها على الحرمين الشريفين، والمساجد والمنظمات والهيئات الإسلامية في داخل المملكة وخارجها، وتهدف خطط المجمع إلى تغطية حاجة المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي من المصاحف بأحجام ونوعيات مختلفة، وإصدار ترجمات للقرآن الكريم بمختلف اللغات، بالإضافة إلى تسجيل التلاوة على أشرطة الكاسيت والفيديو كاسيت لمشاهير القراء في المملكة والعالم الإسلامي، وتستهدف خطط المجمع إنتاج «30» ألف نسخة مسجلة من التلاوة سنوياً، ويضم المجمع مركزاً للبحث العلمي للقرآن الكريم وعلومه وخدمة السنة والسيرة النبوية المطهرة، ويقوم هذا المركز بتنفيذ برنامج علمي موسع بالتعاون مع الجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة، وهو مشروع سوف يكون له إن شاء الله أثره على الثقافة الإسلامية المعاصرة، من حيث حصر المخطوطات ومصادر السنة والسيرة النبوية وتحقيقها وطبعها، مع استخدام وسائل البحث العلمي المعاصر والحاسب الآلي لتخزين الأحاديث النبوية المطهرة، وقد قام المجمع بترجمة تفسير القرآن الكريم إلى عدد من اللغات تشمل: الإنجليزية والفرنسية والصينية والتركية والتيلاندية والروسية، كما يقوم بإنجاز سبع ترجمات جديدة لمعاني القرآن الكريم باللغات الأوردية الإسبانية والفارسية والكورية والمليبارية والهوساوية، كذلك قام المجمع بإصدار المصحف برواية حفص عن عاصم ورواية ورش بإشراف نخبة من كبار علماء القراءات وعلوم القرآن الكريم في العالم الإسلامي. ونداء أوجهه لفضائياتنا العربية! كيف تهملون هذا الصرح الحيوي العلمي والصناعي لخدمة كتاب الله الذي يبعث في عروقنا بكثير من الثقة والبهجة للناظرين الباحثين عن جمال الطباعة الراقية، وخصوصاً طباعة المصحف الشريف بقيمته المقدسة الدينية والروحية العظيمة..؟ رابط المقال على الفيس بوك