كلما تفاءلنا وأفرطنا في التفاؤل من أن الأيام والشهور والسنين التي ستأتي لا بد وأن تكون في صالح تقارب العرب وفي صالح علاقاتهم البينية سواءً كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية ومن أنهم سوف يتفرغون للبناء والتنمية داخل أوطانهم، وسيكرسون النهج الديمقراطي وسيرسون مبدأ تسليم السلطة بالطرق السلمية والديمقراطية، وسوف يعملون على خلق واقع عربي جديد ومتطور وقوي يهدف في الأساس إلى بناء أمة عربية قوية في كل ما تحمله هذه الكلمة من معنى واسع وشامل حتى يكون لأمتنا العربية شأنها وقوتها بين أمم الأرض، والتي تتصارع على النفوذ خدمة لمبادئها وأهدافها ومصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، وأن تستفيد كثير من الأمم الأخرى، وبالذات الأمم الأوروبية والصينية والأسيوية وغيرها التي بلغت شأناً كبير في قوتها وعظمتها الاقتصادية والعسكرية فهي لم تصل إلى تلك المكانة إلا بالممارسة الحقة للديمقراطية التي فتحت أفاقاً واسعة للقدرات والكفاءات بأن تتطور وتنمو وتطلق قدراتها الإبداعية بما يخدم أهدافها ومصالحها وهذه الصورة المشرقة لا تخف على أحد فكنا نحن العرب وطيلة السنوات الماضية نتمنى أن نحذو حذوهم وأن نأخذ ما يتفق مع قيمنا وأهدافنا، لنخرج مما نحن فيه من صراع وقتل وتخلف أثر ذلك كثيراً على حياتنا المعيشية والنفسية، وعلينا أن نعترف أن الأسباب التي أوصلتنا إلى مانحن عليه من ضيق وتخلف وتشرد ولجوء هي الأنانية المطلقة وعدم الاعتراف بالآخر وأصبح كل من يصل إلى السلطة يعتبر نفسه هو المطلق بالسلطة بعد الله، وأن ليس أحد من الحق في ذلك، وإزاء هذا الوضع الكارثي ساد الظلم وغابت العدالة وانتشر الفقر وأثرت القلة على حساب الأغلبية، فأزداد الأغنياء ثراءً وأزداد الفقراء فقراً، وبرزت الهوة العميقة بين الطرفين، ومن هذا الوضع الشاذ والمغلوط برزت الكثير من المشاكل أهمها المشاكل الأمنية والاقتصادية وغيرها فأصبحت الشعوب العربية تعيش حالة من اللا استقرار واستطيع القول إن الكثير من البلاد العربية وصلت إلى حد الفوضى، ومن ذلك ابتعدت كثيراً عن هموم البناء والتنمية وأصبحت أموالنا المقدرة بمئات المليارات من الدولارات مهدرة في أشياء وأمور لا تمت بصلة إلى بناء اقتصاد وطني إنتاجي يستطيع أن يقف أمام كل الظروف والمتغيرات، إضافة إلى النهب المنظم التي تمارسه بعض القوى في ظل هذه الفوضى والانفلات. والمراقب والمتتبع للأوضاع التي يعيشها العرب سيجد أنهم يعيشون أصعب مراحلهم، وصل الأمر بهم على عدم قدرتهم إلى وضع الحلول لقضاياهم ومشاكلهم، وأصبحنا مرتهنين في ذلك على غيرنا وخصوصاً إلى أعدائنا، لذا أقول بأن على أولي الأمر منا وخصوصاً القادة السياسيون بأن يعود ويعودوا إلى رشدهم وأن يدركوا بأن العالم قد تغيير وأننا نعيش عصر الألفية الثالثة وهذا يحتاج إلى أن يغيروا من مفاهيمهم الجامدة والتي جعلتهم يتحنطون في كراسيهم وأن يمارسوا الديمقراطية بمفهومها العصري الحديث، وأن يبتعدوا عن فرض الهيمنة وحالات التزوير التي كانوا يمارسونها ليظلوا على كراسي الحكم المزورة، آن الأوان بأن ينفتح القادة العرب على شعوبهم وأن يتصالحوا معهم وأن يجعلوا من القادة في البلدان الديمقراطية مثالاً لهم في تسيير شئون بلدانهم، مالم فلن تستقيم الحياة وفي الأخير سيكون الفشل على الجميع.. رابط المقال على الفيس بوك