كلما ذهبت لزيارتهم اشعر بنوع من الأسى والحزن على حاضرهم ومستقبلهم لأنهم ضحايا ولكن في سن صغيرة ومبكرة لم تدع لبراءة الأطفال مجالاً لكي تعايش بمراحلها ولم تدع لسنوات المراهقة تمر بهدؤ وسلام .لأن حياتهم التي تفترض ان تنمو بطريقة سليمة ومتوافقة مع مراحل السن تعرضت للخطف والهذر وأصبحت مقيدة خلف جدران أسمنتية ضيقة تشبه علبة السردين أحيانا وأحيانا تضيق من سوء المعاملة وقلة الإمكانيات .. هم ضحايا أسرهم والمجتمع الذي يعيشون فيه الذي لم يوفر فرصة للحياة بكرامة هم ضحايا أسرهم الذين لم يفكروا جيدا عند الزواج لتكوين أسرة كيف يتخيرون لنطفهم حتى تنمو في كنف أسرة طيبة النسل طيبة الأخلاق والمبادئ. الزواج في مجتمعنا عملية خاضعة للعرض والطلب خاضعة للذي يدفع أكثر أو حتى اقل المهم ما إن تكبر الفتاة وتبدو عليها معالم الأنوثة تبدأ عملية العرض والطلب ولأيهم ستزوج وأيضا الأمر هكذا بالنسبة للشاب والنتيجة على مر الأيام أسرة متفككة وأولاد ضائعون بين آباء وأمهات مستهترين بحقوق أبنائهم مستهترين بحقوق الزوجية والنتيجة المتوقعة تشرد في الشوارع انحراف في طرق مخالفة للقانون والحياة الطبيعية والنهاية المتوقعة حبس خلف جدران لا أم فيها ولا أب ولا قريب يمسح دمعة هذا الطفل وتلك الفتاة المراهقة التي هربت من بيت أبيها لأنه يعنفها أو شيء أبعد من ذلك أو لأنها لم تجد العطف والحنان والمعاملة الحسنة بل الضرب والقهر عند زوجة أب لا ترحم أو زواج في سن صغيرة واغتصاب ليأخذ الزوج الذي عادة يكون كبيراً في السن بطريقة عنيفة تعمق في الفتاة الشعور بالحقد والخوف من حياتها الزوجية فتلجأ للشارع الذي هو أيضا لايرحم مع وجود وحوش بشرية تنتهك كل شيء حتى براءة الأطفال وضعف قدرتهم في مواجهة الحياة.. وأما الحياة في السجن أو مراكز الاحتجاز القانونية فحدث ولاحرج خاصة بالنسبة للذكور الذين يعاملون معاملة الكبار خاصة في السجن المركزي ويوضعون في عنابر لا تليق بآدميتهم بل وتعرضهم لمخاطر اخرى منها نفسية وجسدية وأخلاقية تساعد كثيرا في انحرافهم إلى طريق اللاعودة طريق الجريمة التي قد تؤدي بهم إلى ارتكاب جرائم بشعة لايمكن لعقل إنسان ان يصدقها كما يحدث في جرائم القتل البشعة جدا التي تطابق ما يحدث في الأفلام والتي تدلل على مدى استوحاش النفس البشرية منذ الصغر خاصة وان السلاح في بلادنا أصبح منتشرا وسهل المنال مع أحداث العام 2011وحتى العام 2012 الذي شهد انفلاتاً امنياً راح ضحيته أناس كثيرون بينهم أطفال. الحياة اليوم تبدو قاسية صعبة مرة على الجميع ولكنها تزداد قساوة عندما تعاش في سجون تفتقر إلى ابسط الحقوق من مأوى يليق بآدمية الإنسان وكرامته .تبدو أكثر صعوبة عندما ينسى الأهل ومنظمات المجتمع المدني الحقوقية وخاصة العاملة في مجال الأطفال أولئك المسجونين في عنابر السردين مع الكبار أو حتى مع الصغار المتنوعين في التهم من سرقة وقتل و تقطع واغتصاب ...تبدو أكثر صعوبة عندما يمهل الصغير في دار الإيواء الخاص بالأحداث بنين بتعز لسنوات دون التحقيق معه في التهمة التي بسببها حجزت حريته ولا يدري أين يقف وماهو مصيره في دار إيواء تنفرك رائحته العفنة من الدخول إليه أو رؤية أثاثه القديم المهترئ الذي لم يغير منذ افتتاح الدار .وتجعلك أي أنت الزائر إليه تشعر بغصة ومرارة بالحلق وحزن بالقلب عندما ترى أسرة الأطفال بدون ملايات ولا فرش تغطيها أغطية مثل أغطية سرر الإسعاف بالمستشفيات وبطانيات قديمة بدأ نسيجها بالظهور بينما مخزن الدار توجد به بطانيات جديدة وفرش ..وتبدو الحياة اقسي بل اشد قساوة عندما يتم إحضار الحدث الذي هو في خلاف مع القانون واقصد هنا( بالحدث كل إنسان صغير لم يبلغ بعد سن الثامنة عشرة )الذي يتعرض لأنواع من التعذيب في حال القبض عليه أو تسليمه لقسم شرطة في مديريته التي وقعت بها الجنحة التي اتهم بها وعدم تسليمه لشرطة الأحداث بتعز في وقت القبض بل حبسه لأيام وأشهر في أمن المديرية ليتم بعد ذلك تحويله للبحث الجنائي ومن قسم شرطة الأحداث بتعز وهنا تكون القساوة لأنه تعرض منذ البداية لسب وشتم وضرب وأحيانا حبس انفرادي أو يتم التحفظ عليه في غرفة مع البالغين. ألستم معي ان الحياة هنا تبدو اكثر قساوة ومرارة وألماً في ظل تجاهل من المجتمع خاصة الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني التي تكتفي عادة بالندوات وورش العمل للمناداة بحقوق الإنسان دون ان تكلف نفسها عناء البحث عن الأماكن التي تفقد فيها تلك الحقوق ليست جميع المنظمات غير الحكومية وليست كل الجهات المعنية ملامة وكل اللوم في قلة المتابعة والرقابة على هذه الأماكن وتركها بيد إدارات مستغلة حتى من الناحية الحزبية طبعا اقصد بذلك دور الرعاية وليس السجن المركزي بتعز مثل دار الأحداث بنين ودار الأيتام بنين. وليست الحكومة ومنظمات المجتمع المدني البعض منها الملامون فقط بل أيضا فاعلو الخير ورجال المال والأعمال الذين هم أيضا لايبادرون في أعمال إنسانية بالمجتمع . لهذا كلما ذهبت لزيارتهم في الشهر أكثر من مرة اشعر أكثر بقيمة الحرية ولو لساعات بعيدا عن هذه الجدران اشعر بقيمة الإنسان بين والديه وأسرته بعيدا عن العنف والإهمال ..أدرك أكثر مدى معاناة هؤلاء الصغار والمراهقين مهما كانت التهم التي دخلوا بسبها إلى هذه الأماكن لأنهم بالأول والأخير ضحايا أسرهم ومجتمع لايرحم .... كلمات من رحم أمي جئت للدنيا.. اصرخ ابكي وتارة اقهقه ضاحكا فرحا بالحياة التي لا ادري أين تمضي بي في طفولتي كنت عند أبي وأمي دمية أدخل الفرح والبهجة لكل من حولي وعندما كبرت قليلا بدأت خطواتي في الحياة تترنح.. وأصبحت خطرا وأصبحت مسجونا وأصبحت في غربتي الموحشة منبوذا حتى من أمي وأبي وكل إخوتي حتى من نفسي التي تخاف من نفسي.. رابط المقال على الفيس بوك