مما لا ريب فيه أن تصريحات الأستاذ الكبير والقدير والمناضل الصادق: أنيس حسن يحيى الذي جاء ونشر على صفحات صحيفة (الثوري) بعددها الأخير قد كان حديثاً صادقاً وصريحاً حديث (الرائد الذي لا يكذب أهله) فقد انطوى على جملة من الرؤى والأفكار النيرة التي سلطت الضوء على العديد من القضايا الوطنية والمعضلات التي تعانيها الأحزاب والمنظمات في بلادنا وليس هذا وحسب وإنما كان حديثه فيه الكثير من نقد المناضلين الذين إذا اكتشفوا أية أخطاء في مسارهم اليومي أو تقديراتهم وتصوراتهم تجاه أخطاء أو أي أمر من أمور حياتهم أو قضاياهم، فإنها لا يترددون للحظة في مراجعة أخطائهم ومواقفهم. ولعل ما استرعى انتباه القراء وكاتب السطور واحد منهم ما ورد في حواره ما يتصل بالأمور التالية أولها: بشأن القوى التقليدية والتحدي القائم لمؤتمر الحوار الوطني، فقد أشار الأستاذ أنيس من أن القبيلة ما تزال هي الممسك بمقود القرار السياسي فقال إنه يقدر الجهود الكبيرة التي يبذلها الأخ عبدربه منصور كرئيس إلا أنه جاء ليستلم وضعية صعبة جداً فعلي عبدالله صالح لم يضع أي مرتكز يمكن أن يرتكز عليه من سيأتي بعده.. وتحالف القبيلة والعسكر هو الاتجاه السائد ولذلك أعيب على الأخوة في التجمع اليمني للإصلاح ، إنهم متماهون مع القبيلة من خلال رموز قبلية مهمة جداً واعضاء نافذين في التجمع اليمني للإصلاح، وكذلك مع العسكر وبشكل خاص مع علي محسن ومجموعة محسوبة عليه فالخيار السياسي رغم الجهود المبذولة ما يزال في قبضة القبيلة والعسكر وهذا التحالف القبلي والعسكري من شأنه أن يفشل الحوار القادم والقوى التقليدية تتحدث عن أهمية أن تكون مشاركة في الحوار الوطني الشامل...ثم يواصل حديثه معيداً إلى الأذهان أحداث ومواقف القبيلة عقب قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وكيف أن القبيلة قد توزعت إلى قسمين واحد كان يقف مع النظام الجمهوري. والقسم الثاني وقف مع الإمامة، وبأهداف معلنة فالذي وقف مع النظام الجمهوري إنما كان بهدف الاستحواذ على المعاني والأهداف الحقيقية للنظام الجمهوري واليوم ما أشبه الليلة بالبارحة فالجمهورية منذ السادس والعشرين من سبتمبر وهي في قبضة القبيلة والعسكر، وقوى الحداثة في اليمن مثلها مثل غيرها في تونس ومصر والمغرب غير موحدة، بل ومشتتة وبالتالي فالقوى التقليدية المتدثرة بالدين والقوى الدينية المستقوية بالعسكر وبالقبيلة تشكل عقبة كبيرة أمام مؤتمر الحوار الوطني القادم، والذي اعتبره ويعتبره كثيرون محطة هامة في الحياة السياسية وإن التسوية السياسية مقدر لها أن تفشل في ظل التحالفات القبلية والعسكرية وهناك صحف تطالعنا من أن انضمام علي محسن للثورة الشبابية حمى الثورة إلا أنني أشبهه بموقف انضمام القبائل الذين انضموا للثورة بقصد وهدف الاحتواء، وبقيت قوى الحداثة مهمشة وأشبه ما تكون بالديكور تتزين به الحكومات المتعاقبة ثم يواصل حديثه الصائب والمفيد جداً : أنا لست ضد القبيلة ولكن لا أراهن عليها وهي مكون مهم من مكونات المجتمع اليمني ، فالمراهنة عليها خطأ قاتل لأنها لن تكون مع دولة مدنية حديثة.. فالقبيلة أنتجت هامات وطنية كبيرة جداً، وهذه القامات تنجح في الحياة السياسية بقدر ابتعادها عن الروابط القبلية، وتفشل عندما تبقى مشدودة لهذه الروابط وأنا اليوم أشاهد التحالف القبلي العسكري يستشرس للدفاع عن مصالحه، وهو لا يملك سوى مشروعاً متخلفاً، ولا أستطيع أن أنكر من أن القبيلة قد أنجبت قامات وطنية وحداثية هامة ، فالكثير من القيادات الوطنية ..لأهم القبائل لكنها حررت نفسها من الروابط القبلية لذلك هي فاعلة في الحياة السياسية.. وفي سؤال آخر يطرح المحاور على الأستاذ أنيس يتصل بقوى الثورة العربية وبما أن الحزب الاشتراكي أحد هذه القوى فيسأله أين تكمن مشكلة الاشتراكي؟.. فيجيب بما معناه: من أن الاشتراكي قد تعرض لجملة من الكوارث فما زال واقفاً على قدميه بإصرار لأن داخل الاشتراكي قوى حية تنتمي إلى المستقبل، لا إلى الماضي قوى تنشد الحداثة والعدالة الاجتماعية قوى لا تنتمي إلى الاشتراكي على اعتبار أنها مبهورة بزعامة ما. وعلى هذه القامات الانتصار للعمل المؤسسي ولا يعتري الأستاذ أنيس أي حرج في القول من غياب هذا العمل المؤسسي بداخل الحزب.. ثم يتوجه بحديثه لجيل الشباب قائلاً: إذا ربطتم وجودكم بالاشتراكي بشخصية معينة ستبرز غداً عيوب عند هذا الشخص.. فيذكر الشباب من أنهم أكبر من كل ذلك وأنهم حاملو مشروع الحزب السياسي ومشروع العدالة الاجتماعية ثم يواصل حديثه من أن البعض صار يشكك في جدوى تبنينا للاشتراكية والاشتراكية ليست اختراع فلان أو علان.. الاشتراكية حاجة موضوعية للبشرية ولم لم يكن هناك ماركس لجأ ماركس آخر، وحتى الإسلام في جوهره معنى العدالة الاجتماعية التي تبقي الشعوب تواقة لها ولذلك توجد حاجة لتجديد الفكر الاشتراكي .. ثم يواصل حديثه الطويل بهذا الصدد، والذي لا يسعني أن أوفيه حقه الكامل وعلى قرائي الأعزاء العودة لنص الحديث لصحيفة الثوري.. إلا أنني بهذه العجالة أورد هذا الاستدراك للأستاذ أنيس بشأن ما قد يثار من لغط محتمل بشأن تبني الاشتراكية حيث يقول في سياق حديثه: كوني اشتراكياً لا يعني الدعوة لإلغاء الملكية الخاصة فهذا شطط لا يقبله الواقع صحيح أنها تسبب العديد من المشكلات والتناحر بين أقرب الناس لا سيما في غياب الحكم الرشيد والنزيه، وأنا أعمل قدر الإمكان على عدم تحويل الملكية إلى شر وذلك العمل يكون بنظام إداري للدولة يرعى العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة بشكل عادل وسليم يؤمن المواطنة المتساوية.. رابط المقال على الفيس بوك