الفقراء يتعصمون ولايزالون يعتصمون ولذلك خلقهم الله ليعتصموا بحبله وليفوزوا بالجنة برحمته. الكبار يتصارعون ولايزالون يتصارعون ولذلك خلقهم الله ليتصارعوا وليملأ بهم جهنم. ربما يود هؤلاء المجانين لو كانوا عاقلين خليهم يأكلوا ويتمتعوا ويجننوا ويتحاربوا ويلهيهم نفوذهم وصراعاتهم وتقاسماتهم بكرة حيشوفوا ! ما عمر إلا خاتمة !! الله عزيز ذو انتقام. خرجنا من بطون امهاتنا لانعلم شيئا عن هذا البلد الذي يقع في جنوب الجزيرة العربية، وهل يعقل أن ينزل الجنين من بطن أمه، وهو يحمل خارطة أو معلق في صدره بوصلة ؟ شكراً لله الذي جعل لنا أسماعاً وأبصارا وافئدة. في سبأ كان لنا في مساكننا آية ، جنتان عن يمين وشمال ، وبلدة طيبة ورب غفور ، قرية آمنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان ، فماذا جرى؟ ما الذي قلب حالنا ؟ تغيرت قلوبنا وانتشرت الكراهية في نفوسنا صرنا نتعامل مع بعضنا بحسد ونميمة ومناطقية وحزبية ومذهبية وكلٌ يريد أن يقضي على الآخر فأرسل الله علينا سيل العرم وبدلنا بجنتينا جنتين من الخمط والأثل والسدر القليل تماماً كما بدلنا زراعة القمح بزراعة القات وبدلنا إطعام الفقراء بفساد الكبار والمشائخ تماما كما قسمنا الزكاة والضمان على غير المستحقين وجعل اموال الاوقاف نهباً للمتفيدين والمتنفذين وناهبي الاراضي وسكتنا عن الظلم وساهمنا في انتشار الرشوة “ حق القات “ كنا نسير ليالي واياماً آمنين مطمئنين ، فلما كرهنا بعضنا دعونا الله أن يباعد بين اسفارنا ظلمنا انفسنا عندما ظلمنا بعضنا فأصبحنا احاديث للعالم بأسره لايرون فينا الا مصدراً للإرهاب والشفقة. لم نصبر ولم نشكر ولم نحب بعضنا مزقنا الإحساس الذي يجمعنا ، فتمزق بلادنا كل ممزق وتحولت الجنة الى جحيم وتباعدت الطرق وانتشرت القطاعات والثارات بين القبائل وصرنا احزابا وشيعا ، كل حزب بما لديهم فرحون. صدق علينا ابليس ظنه، فاتبعناه الا قليل ، واستوردنا السموم والمبيدات والاسلحة لنقتل انفسنا . التاريخ يعيد نفسه واليمنيون يعيدون انفسهم، انظر في واقعنا: ستجد اصحاب الجنة الذين أسرّوا في انفسهم حرمان الفقراء، فكان الله اسرع منهم كيداً وأحرق جنتهم. ستجد قوما يستخدمون سيوفهم قبل عقولهم بمنطق: ياشيخنا واحنا فدالك. يرددون ذات العبارة التي كان يرددها قوم بلقيس لبلقيس: “ نحن اولي قوة وأولي بأس شديد والأمر اليك فانظري ماذا تأمرين “. لم نستوعب تلك العبارة الحكيمة التي وردت على لسان بلقيس في القرآن الكريم: “ إن الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها اذلة “. لم نستفد من درس العراق والصومال وافغانستان. صراعاتنا الداخلية جعلتنا اداة سهلة في يد أي اطراف خارجية. التنازلات الباهظة التي نقدمها للخارج لكي ننتصر على بعضنا اقل بكثير من تلك التنازلات التي يمكن ان نقدمها لبعضنا. لكن نصلح ذات بيننا ، وفي الأخير كلنا نخسر. الله الذي يمسك الطير في جو السماء حتى لايقع كفيل بأن يمسك اليمن حتى لاينهار. اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي. رابط المقال على الفيس بوك