تروي كتب التاريخ العربي : أن زعيما من زعماء “ الإسماعيلية” المتفرعة عن “الاثني عشرية” اتخذ من قلعة “الموت” بأحد جبال سوريا الشاهقة , مقرا له ولأتباعه ومريديه قبل ردح من الزمن, وانشأ حولها حدائق وبساتين لا نظير لها تجول بين زهورها وورودها وينابيعها فتيات يافعات يأسرن القلوب بجمالهن ويسلبن العقول بحلو حديثهن, وأفرد من بين بساتينه بستانا خصه بزراعة نبته “الخشخاش” الأفغانيٍ، الحشيش المخدر, ووضع عليه حراسا لا يقهرون. وبعد أن تم له الأمر, أطلق على نفسه “ داعي الدعاة” وكان في الظاهر عالما بليغا متبحرا في علوم الدين,وواعظا لا تنقض له حجة في الإسلام, ومرجعية للشريعة الإسلامية، فالتف حوله شباب من الفلاحين الفقراء, وعدد من الضاربين في الأرض طلبا للعلم ،والبعض منهم طلبا للرزق , وخصص لكل واحد من أتباعه ومريديه حفنة شهرية محدودة من الحشيش المخدر الذي أفتى بتحليل تعاطيه لأنه كما زعم يجعلهم دائما في حالة خدر روحانية يعتقدون أنها تقربهم من الذات الإلهية. وقد اعتمد هذا الداعي لنفسه أهم مصدرين للدخل ، أولهما: بيع “ الحشيش” لأمراء وكبار رجالات المناطق المتاخمة لقلعته, وثانيهما : انجاز ما يطلبون منه من عمليات قتل واغتيال وإحراق لمنافسيهم وخصومهم من المسلمين وغيرهم, فإذا صدّق على عملية لأحدهم اختار من بين مريديه ثلة من الشباب المتشددين وأدخلهم إلى بستانه الخاص الذي يشبه جنة الله على الأرض حيث روائع الطبيعة وحور العين ،ثم يسطلهم ب “ حشيشة” قوية لم يألفوها من قبل. وبعد ثلاثة أيام من سحر الجنة الأرضية وحور العين و“السلسبيل” يستدعيهم ويأمرهم بالإجهاز على الأمير الفلاني أو القائد العلاني أو ما شابه ذلك ويقول لهم: أرأيتم هذه الجنة؟! إنها مجرد نموذج مصغر لجنة الله الخالدة. فاذهبوا لتنفيذ مهمتكم . فإن قُتل أحدكم مات شهيدا وأدخله الله جنانه, وإن عاد سالما غانما أدخلته جنتي لينعم فيها بما طاب له وراق, فينطلق الشباب مسطولين مسحورين ليعيثوا في البلاد والعباد قتلا وإحراقا, وفي خلدهم إن إحدى الجنتين مضمونة لهم. واليوم يعيد التاريخ كرة مسبحته.. فما أشبه الليلة بالبارحة عند البعض ممن يطلقون على أنفسهم “ داعي الدعاة”, وهم في الأصل دعاة الموت وزبانية الإرهاب, فاحذروهم يا شباب. قال الشاعر : إذا نصبوا للقول قالوا فأحسنوا ولكن حسن القول خالفه الفعل وذموا لنا الدنيا وهم يرصعونها أفاويق حتى ما يدُرُّ لها ثعل ( إبن همام السلولي ) [email protected]