• لماذا الجامعات الخاصة وما هو الهدف من إنشائها؟ إن الهدف المفترض من هذه الجامعات هو تخفيف العبء على الجامعات الحكومية وحل أزمتها المتمثلة في عدم قدرتها على استيعاب أعداد الطلاب المتزايدة كل عام، وأيضاً منح الطلاب الذين لم تمكنهم معدلاتهم من الالتحاق بالجامعات الحكومية في التخصصات التي يرغبون بدراستها، نظراً لانخفاض معدلاتهم في الثانوية العامة، كما أنها أيضاً فرصة لرأس المال لكي يقوم بدوره كشريك فاعل في عملية بناء الإنسان وتنمية المجتمع. • وقد شهدت بلادنا في العقد الأخير انتشاراً كبيراً لهذا النوع من التعليم ،حيث أنشئت عشرات الجامعات الخاصة يؤمها الكثير من الطلاب الذين أجبرتهم الظروف على التوجه إليها لتحقيق أحلامهم ولكن مقابل رسوم دراسية باهظة بالكاد يتحملها أغلبهم، لكن الحقيقة تقول إن هذه الجامعات يغلب عليها الطابع الاستثماري على حساب الدور المعرفي والتنويري، فهي لا تهتم بالمستوى العلمي والمعرفي قدر اهتمامها بجني المال وزيادة الإيرادات، أي أن العملية برمتها هي عملية تجارية بحتة ولا علاقة لها بالتعليم. • إذاً يمكن القول إن الجامعات الخاصة لا تهتم إلا بجباية الرسوم أما مستقبل الدارسين فيها وتأهيلهم ليكونوا فاعلين في بناء المجتمع وتنميته فذلك لا مجال له من الاهتمام لديها، ما يدفعنا إلى هذا القول هو ما نسمعه من شكاوى من دارسين في هذه الجامعات حول إهمالها تعميد شهادات تخرجهم، وبمعنى آخر تتخلى عن مسئولياتها تجاه الطلاب المتخرجين منها ولكن بعد أن تكون قد “امتصتهم لحماً ورمتهم عظماً” منفضي الجيوب وغارقين في الديون لأجل دراسة ضعيفة ربما لا ترقى إلى مستوى “كتاتيب زمان” وأيضاً بدون شهادات تخرج. • ومن هؤلاء طالبة درست سنتها النهائية في الجامعة الوطنية قادمة من جامعة تعز، هذه الطالبة تخرجت منذ ثلاث سنوات وحتى الآن تماطل الجامعة وتتهرب من تعميد شهادة تخرجها تحت مبرر وجود قرار من وزارة التعليم العالي يمنع تعميد أي من شهادات الجامعات الخاصة إلا إذا درس الطالب فيها سنتين دراسيتين.. ولكن السؤال هنا: إذا كانت هذه الطالبة قد سجلت بعد صدور القرار الوزاري، فلماذا لم تبلغها الجامعة بأن شهادتها لن يتم تعميدها لأنها درست عاماً واحداً فقط لديهم بينما القرار يشترط عامين على الأقل؟!، أما إذا كان تسجيلها قبل صدور القرار، فإن الجامعة ملزمة بإيجاد حل لهذه المشكلة ،مع العلم أن هناك محضراً بين التعليم العالي والجامعات الخاصة يعالج مثل هذه الحالات ويقضي بتعميد الشهادات قبل القرار.. فلماذا لا تهتم الجامعة بتطبيق هذا المحضر؟! وبغض النظر عن تاريخ صدور القرار، فإن الجامعة تتحمل مسئولية أخلاقية وقانونية في تعميد شهادات الطلاب المتخرجين منها سواء كانوا قبل القرار أو بعده. • هذه الطالبة سنحت أمامها فرصة للعمل في الخارج مع إمكانية مواصلة الدراسات العليا ،لكن الأمر مرهون بالشهادة الجامعية التي لا تزال محتجزة في دهاليز الجامعة الوطنية منذ ثلاث سنوات.. وباءت كل مشاوير والديها في الجري و«البرطعة» بين أروقة فرع الجامعة في تعز ومقرها الرئيس في صنعاء، كل المشاوير باءت بالفشل الذريع، وربما المسافة التي قطعاها في متابعة تعميد الشهادة تفوق ما قطعه الرحالة الشهير “ماجلان” والشخصية الكرتونية “السبع المدهش” في رحلتيهما حول العالم، لكن للأسف لم يصل الوالدان إلى نتيجة. • الجامعة ملزمة بتعميد شهادات المتخرجين منها حتى يتمكنوا من الالتحاق بسوق العمل أو مواصلة الدراسات العليا.. لكن ما يحدث أن هذه الجامعات وبمجرد تحصيلها للرسوم الدراسية ومع استلام آخر قسط تنفض يدها عن كل شيء، وهذه الطالبة ما هي إلا واحدة من عديد الحالات التي تقف مكتوفة اليدين وهي ترى مستقبلها المهني يتلاشى بسبب إهمال ولا مبالاة القائمين على الجامعات الخاصة. • إن هذه الجامعات وبهذا الإهمال إنما تجني على نفسها وتشوه سمعتها وتنفر الدارسين منها، لأنها لا تحترم طلابها ولا تحرص على مستقبلهم، لكن يبدو أن المستوى الرديء لمخرجاتها هو ما يجعلها تتهرب من تعميد الشهادات الصادرة عنها حتى لا يفتضح أمرها وتظهر كجامعة فاشلة.. خاصة وأن بعضها غير معترف بشهاداتها خارج البلاد ،كما حدث لبعض الحالات التي لم تقبل دول الجوار شهادات تخرجها الصادرة من بعض الجامعات الخاصة في بلادنا. • إن أمراً كهذا يتطلب وجود قوانين ولوائح صارمة تنظم عمل الجامعات الخاصة، وتضمن عدم اهتمامها بالمال على حساب العلم والمعرفة، وأيضاً تعمل على حفظ حقوق الطلاب الذين تتكبد أسرهم الكثير من العناء في سبيل توفير الرسوم الدراسية، وأن ينالوا حقوقهم كاملة غير منقوصة ،سواء في تلقي العلم والمعرفة أو الحصول على شهادات تخرج معمدة وقانونية، وإلا ما فائدة الدراسة في مثل هذه الجامعات إذا لم تستطع منح طلابها شهادة تخرج تثبت حصولهم على التأهيل العلمي وتكون تأشيرة الدخول إلى سوق العمل أو مواصلة الدراسات العليا. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك