مرت يوم أمس الذكرى الثانية لثورة التغيير في اليمن «11 فبراير 2011م» والتي قادتها جموع الشباب في مختلف المحافظات بحثاً عن مخرج لأزمات الدولة والمجتمع الخانقة والمتراكمة وبأوجهها المتعددة منذ عقود طويلة، حيث أتاحت هذه المناسبة فرصة التغيير ابتداءً من انطلاق مسارات التسوية السياسية التي رعتها الدول الخليجية الشقيقة والأسرة الدولية والتي عُرفت – في ما بعد – بالمبادرة الخليجية للتسوية، التي مكنت اليمنيين من نقل السلطة بطريقة سلسة وسلمية وفقاً لمنظومة من الخطوات الإجرائية المتكاملة بدءاً من انتخاب الأخ المناضل عبد ربه منصور هادي رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة وفاق وطني، مروراً بالتهيئة للحوار الوطني الشامل، الذي من المتوقع انعقاده في 18 مارس المقبل، وانتهاءً بمخرجات هذا المؤتمر ذات الصلة بشكل الدولة اليمنية الحديثة والمتطورة.. وكل ذلك نتيجة وتلبية لمتطلبات حراك الشباب. على الرغم من مرور عامين على ثورة التغيير التي قادها الشباب في فبراير 2011م، لا تزال ثمة مهام منتصبة أمام القيادة السياسية وحكومة الوفاق الوطني لإنجازها تتعلق بضرورة استكمال منظومة الإصلاحات الاقتصادية وإعادة هيكلة ما تبقى من مؤسستي الدفاع والأمن، فضلاً عن ضرورة وأهمية توظيف تمويلات الدعم الدولي لصالح التنمية المستدامة وخلق فرص عمل للشباب وبلسمة جراح الفئات الأكثر تضرراً من الأزمة والحرب ومعالجة تفشي ظواهر الفقر والبطالة وغيرها من مظاهر التخلف الاقتصادي الاجتماعي الشامل.
ولا شك بأن مثل تلك المهام والمسؤوليات تتطلب تضامناً شاملاً بين قوى المجتمع بمن في ذلك الشباب لإنجاز هذه المهام وعلى النحو الذي يحقق التطلعات التي ضحت من أجلها مختلف القطاعات وفئات المجتمع، فضلاً عن الفترة القصيرة التي لا يعتد بها في مقياس الثورات والتحولات الكبيرة في المجتمعات والشعوب.
ما من شك أن التغيير الذي أحدثته ثورة فبراير الشبابية لا يمكن قياسه أو سبر أغوار نتائجه أو تلمس تحولاته الحضارية بمعزل عن استيعاب الواقع بكل مراراته وموروثاته السلبية. كما لا يمكن أن نلمس مجمل تلك النتائج الايجابية خلال فترة زمنية قصيرة، لكن ما حدث من تغير هائل في معطيات هذا الواقع والأفق الذي تجتهد النخب والقوى السياسية إلى بلوغه يعد تطوراً مذهلاً وإنجازاً كبيراً يتطلب – إلى جانب مؤازرة الشباب – اصطفافاً وطنياً واسعاً لمناقشة مجمل الاستحقاقات وبروح متطلعة إلى المستقبل أكثر من تلفتها إلى الماضي، خاصة أن كل المؤشرات والدلائل تؤكد بأن المستقبل سيكون أكثر رخاءً وازدهاراً جراء التقاط اليمنيين لهذه اللحظة التاريخية التي قدموا من خلالها أنموذجاً يحتذى، وتحديداً بعد أن جنبت الشعب مغبة الدخول في رهانات الاقتتال، كما هو الحال في عديد من التجارب التي عاشتها بعض ثورات الربيع العربي ولا تزال بعضها غارقة في أتون الاحتراب حتى أرنبة آذانها!!
وفي المحصلة.. فإن من المهم أن تجد فئة الشباب كل رعاية ودعم واهتمام، باعتبارهم أساس وجوهر عملية التغيير أولاً وعماد عملية البناء والرقي ثانياً.. وهذه نقطة استراتيجية يجب على حكومة الوفاق الوطني الحالية وعلى الحكومات المقبلة تسليط الضوء عليها وإيلاءها جل الاهتمام والرعاية. وكما يفترض أن تظل هذه الحقيقة وعلى الدوام نصب أعين القائمين على إدارة شؤون هذا البلد، سواء في الحاضر أو في المستقبل، ما لم -وكما يقول المثل الشعبي العربي- ف «كأنك يا أبو زيد ما غزيت». رابط المقال على الفيس بوك