وطوق النجاة هنا غير – طوق الحمامة – المعروف بين كتب التراث الإسلامي , حيث تتبدى أهمية هذا الطوق في حالتنا الراهنة واليمن يعيش مرحلة بالغة الدقة والحساسية خاصة وهو يرتب الانتقال إلى المرحلة الثانية من تنفيذ المبادرة الخليجية للتسوية السياسية مع الإقرار – هنا – بالصعوبات المنتصبة أمام هذه الانتقالة كتلك المتعلقة بمحاولة إعاقة الحوار الوطني الشامل رغم معرفة الجميع - بما فيها قوى الرفض - بأهمية انعقاده وباعتباره بمثابة طوق النجاة من تداعيات عقود الأزمات المتلاحقة والمتداخلة التي ألقت بظلالها الكئيبة على مجمل حياة اليمنيين. ولما كنا ننشد التغيير الضامن لحياة مستقرة ، فإن المطلوب – ومنذ الآن – تهيئة الأجواء لتعزيز الثقة بين الأطراف جميعها والقبول بمبدأ الحوار، باعتباره قيمة حضارية ، لا يمكن تحديد خيارات مستقبل اليمن بمعزل عنها والتي لا يستقيم أيضا أركان أي نظام أو مجتمع بدون التمسك بها أو الاحتماء بثوابتها ,خاصة وأن الإجماع الداخلي على مبدئية الحوار يجسد أحد أهم الرافعات لإنجاز هذا الاستحقاق الوطني المهم , بالإضافة إلى التأييد والدعم الإقليمي والدولي الذي تمثل في تبني المبادرة الخليجية ورعاية الأممالمتحدة لمسار التسوية السياسية.. وهو إجماع غير مسبوق تجاه أي من مشكلات المنطقة، مما يعني ذلك ضرورة الاستفادة القصوى من هذه المناخات الملائمة وهي تظلل سماء التسوية دون خسائر فادحة كما شاهدنا ولانزال في أكثر من رقعة على خارطة ثورات الربيع العربي.
ولأن طوق النجاة لا يعني - فقط - مسؤولية الداخل في إنقاذ رقاب الشعب اليمني جراء استفحال الأزمة وغياب أي بصيص من الأمل ،بل إن طوق النجاة يعني أيضاً مسؤولية دول منطقة الخليج في استكمال رعايتها لهذه التسوية، كون اليمن يشكل خاصرة هذه المنطقة الحيوية فضلاً عن أن تأمين إمدادات الطاقة يمر من مضيق باب المندب وأن غياب الأمن والاستقرار في اليمن سيؤدي – بالنتيجة – إلى استهداف أمن الملاحة الدولية عبر هذه الممرات الملاحية وهو ما يستدعي كذلك مزيداً من الرعاية الأممية للتسوية السياسية. لقد برزت في الآونة الأخيرة سجالات عديدة تبحث في إعادة رسم خارطة الجمهورية اليمنية وفقا لما قبل عام 1990م.. وهو ما يهدد استقرار المنطقة والعالم قبل أن يهدد أركان المجتمع اليمني ويعطل الحوار.. الأمر الذي يتطلب بذل المزيد من الجهود للتوفيق بين هذه السجالات والتوصل إلى القواسم المشتركة والدخول إلى الحوار برؤية منفتحة وغير مسلوبة لحسابات الماضي أو مرتهنة لأجندات بعض دول الإقليم وبما يضع مجمل القضايا على طاولة النقاش بعيداً عن الاشتراطات المسبقة ، خاصة أن الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية قد أكد مراراً بأنه لا سقف محدد للحوار.. والذي يمثل – كما أشرنا – طوق النجاة لليمنيين وللمحيطين الإقليمي والدولي على حد سواء مما يٌعلق على دول هذين المحيطين بذل المزيد من الجهد لحث وإقناع الأطراف المترددة والرافضة ضرورة الدخول في مسار التسوية السياسية، باعتبارها الحل الأنجع لأية مشكلات أو تباينات في الموقف من شكل النظام السياسي وملامح الدولة وشتى عناوين المرحلة القادمة.. وأعني بذلك أولئك الذين يقفون خلف مطالب فك الارتباط وغيرها من الصيغ المستحيل القبول بها داخلياً وخارجياً.. مع التأكيد هنا على أهمية وضرورة البحث عن تلك الصيغ التي تحافظ على مكونات النظام الواحد أخذا بعين الاعتبار الأطروحات القائلة باستحالة الإبقاء على النظام المغرق في المركزية كما هو الحال راهناً , خاصة وأن ثمة نماذج تستحق النقاش في إطار الخروج من عنق الزجاجة التي تستبد بالمشهد القائم ومنها تلك الأفكار المطروحة كالفدرالية أو النظام الاتحادي أو أي صيغ أخرى للتمكين من انطلاقة الحوار ونجاحه في نفس الوقت الأمر الذي يلقي بمسؤوليات إضافية على النخب السياسية والقوى الحزبية لطرح قضاياها لإعمال هذه الإصلاحات مشفوعة بالاستفادة من دروس الماضي بكل مراراته واستحضار تجارب الآخرين كذلك لإنجاز هذه المهمة الوطنية والتاريخية بامتياز.. فهل نحن فاعلون؟. هذا هو التساؤل الملح الذي يطرح نفسه أمام كافة النخب عما إذا كنا عند مستوى هذه المسئولية أم أننا سنسقط في امتحان البحث عن طوق النجاة ؟! . رابط المقال على الفيس بوك