14 فبراير عيد الحب، هكذا أصبح هذا اليوم (العالمي) عادة عندنا في الشرق، برغم أن هذا العيد غربي المنشأ والمحتفَل به، لكننا في شرقنا العربي دائماً نتأثر بكل شاردة وواردة تأتينا من الغرب. وبعيداً عن الرأي الفقهي في موضوع الاحتفال بهذا العيد - إن صح تسميته عيداً - فسأترك هذا الأمر لأهله من تحليل وتحريم وغيره، سأدلي برأي فكري في ذلك.. أنا حقيقة لست مع الاحتفال بعيد الحب في يوم معين مع الاحتفال والاحتفاء بالحب كشعور إنساني سامٍ، فأنا مع الحب ولست مع عيد الحب.. قد يبدو الموقف متناقضاً، لكني أوضح بسهولة أني مع الحب تماماً ذلك الشعور السامي الذي لا يختلف عليه اثنان، لكن عيد الحب ومثله عيد الأم وغيرها من الأعياد الأوروبية كلها تكرس للمركزية الأوروبية التي يريدون أن ندور حول ذلك المكان الموهوم في كل أعيادهم ومناسباتهم التي ألصقوا عليها صفة (العالمية)، وانظروا معي حروبهم عالمية وكؤوسهم عالمية وكذلك أولمبياتهم…إلخ. فرفضي لعيد الحب هو من باب الممانعة الفكرية التي يجب أن نحرص على تفعيلها؛ حتى تتميز هويتنا الشرقية العربية الإسلامية الخاصة بنا ولا تذوب فتكن جزءاً من مشاريع الآخرين، إنما يكون كياننا المستقل بنا لنا أعيادنا ومناسباتنا، وهذه النظرة لا تختلف مع توجهنا للدخول في الإنسانية العالمية ضمن ثوابتنا ومحدداتنا الخاصة بنا، فهي نظرة متوازنة بين الذوبان في الآخر أو التقوقع على النفس. في مفهوم الحب: أما الحب فلا يختلف عليه اثنان، إنه ذلك الشعور السامي الذي كلنا شعرنا ومازلنا نشعر به، وسنظل نشعر به حتى آخر العمر.. فالحب ليس مجرد كلمة عابرة يقولها مراهق لمعشوقته، كما تصوره أفلامنا ومسلسلاتنا وحتى قصائدنا (الرومانسية)، فالحب أسمى من ذلك بكثير؛ لأنه يشمل حبنا لأنفسنا ولأوطاننا ولأقربائنا ولكل من له فضل علينا من معلمينا وشيوخنا وأصحاب القدوة العظمى لدينا.. الحب يشمل حبنا لأبنائنا - مشاريع الامتداد من بعدنا - ولكل من حولنا في مجتمعاتنا، فمن الظلم أن نكبس كل هذه المعاني السامية للحب في حب مراهق غير ناضج أو نزوة عابرة يروم صاحبها من ورائها قضاء وطره وإفراغ رغبة مدفونة، ولكن لا يُفهم من كلامي هذا أنني أقف حائلاً ضد كل حب شريف بين شاب وفتاة بهدف الزواج، لكن ليكن هذا الحب مكفولاً ضمن ثقافة المجتمع وعاداته وقيمه.. إن أسمى مراتب الحب هي العبادة؛ فالعابد يهيم في حب معبوده، فلا تكن العبادات مجرد حركات وهمهمات وشعائر معدومة الوجدان، بل هي التعبير الصادق عن حبنا وشكرنا لخالقنا في صورة صلوات وتسبيحات وسلوكيات صالحة تجاه مجتمعاتنا الخاصة منها أو الإنسانية.. هذا هو الحب كما أفهمه، ودعونا في الأخير نرتل جميعاً قوله تعالى - على لسان نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم - “قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]. صدق الله العظيم. رابط المقال على الفيس بوك