- ديربورن – ميتشجان/ منير الذرحاني - العيد في بلد المهجر أو هناك في ارض الوطن هو العيد نفسه بطابعه الوحيد وتميزه الفريد كونه عيد الفطر المبارك الذي يفرح ويبتهج بحلوله المسلمون في كل بقاع الأرض شرقاً وغرباً ، ويبقى هناك كثير من المسلمين من يقضي فرحة العيد داخل بيوت ومساكن مهدمة، ومع نساء وأطفال جرحى ومصابين، واسر وعوائل تعذرت أمامهم سبل الحياة لا يعرفون عن هذا العيد إلا اسمه.. وربما لا يجدوا حتى السبيل للحصول على أي وسيلة تمكنهم من الاحتفاء بهذه الفرحة أو أخرى تجعلهم قادرين من خلالها أن يعبروا عن فرحتهم بأي مناسبة دينية تفرح بها الأمة كلها.. ورغم أن الكثير من الناس قد لا يفكرون حتى مجرد التفكير في مثل هذه المناسبة العطرة والجليلة على نفوس المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بسبب ما يعانوه من فقر أنساهم أنفسهم أو مرض آلم بهم وآخرين كثر يعيشون معاناة الحروب والدمار والخراب يمسون ويصبحون خائفين على أنفسهم وممتلكاتهم لا يسعهم إلا أن يهمسوا همساً بالعيد السعيد أو بالاحتفال والذكرى. "عيد سعيد وكل عام والجميع بخير".. لقد شرع الإسلام عبادات في الأعياد ووضح كيف تكون هذه العبادات والتزم المسلمون بتلك العبادات في مثل هذه المناسبات مثل مناسبة عيد الفطر المبارك (العيد الصغير) الذي حل علينا هذه الأيام ولم تغب هذه التسمية "الصغير" عن أذهان وعقول أصحابها أينما كانوا بعيدين غائبين عن أوطانهم التي تنعم بالكثير والكثير من العادات الخاصة والتقاليد الشعبية النادرة لمثل هذه المواطن الجليلة. الأيام الماضية تسمر أبناء الجاليات اليمنية والإسلامية في الولاياتالمتحدةالأمريكية أمام شاشات التلفزيونات لمشاهدة ما تبثه الفضائيات العربية والإسلامية من أخبار خاصة بعيد الفطر ومتى يكون أول أيامه المباركة وقد استمع أبناء الجالية إلى تلفزيون اليمن الحبيب والفضائية اليمنية تبث أخبارها في مشارق الأرض ومغاربها بأن علماء اليمن في عروس السواحل "الحديدة" قد أعلنوا عدم رؤية الهلال وعليه يلزم أتمام شهر رمضان ثلاثين يوماً كاملة تمسكاً بقول رسول الأمة محمد صلى الله علية وسلم ، وقد توافق ذلك النبأ مع ما أعلنته دول الخليج الشقيقة والدول العربية وهذا يكفي وحده أن يكون مؤشر ايجابي بالنسبة للوحدة والتعاون.. العيد هو العيد والشيء الذي يجب على المسلمين في مكة أو صنعاء أو بغداد أو القاهرة هو الشيء نفسه الذي يجب على كل المسلمين المهاجرين في مشارق الأرض ومغاربها تجاه المعالم الدينية البارزة والمناسبات العظيمة.. قبل العيد بأيام كان هناك تحركا كبيرا واهتماما بالغا بالعيد من قبل جميع أبناء الجاليات اليمنية والمسلمة في أمريكا وخصوصاً في ولاية ميتشجان وبالتحديد في كلاً من – ديربورن و ديترويت و هامترامك- حيث ذهب الناس إلى المحلات التجارية لشراء مستلزمات العيد واصطحبوا أولادهم معهم إلى الأسواق لشراء الثياب والملابس الجديدة وكأنهم جزء لا يتجزأ من أولئك المواطنين في باب اليمنصنعاء أو شميلة أو كريتر عدن راجعين إلى منازلهم حاملين الفرحة على وجوههم مستبشرين بحلول العيد السعيد، وقد أولوا هذا اليوم اهتماما بالغ النظير لما له من دلالات عظيمة ومعاني حميدة في نفوس المسلمين.. وأيضا حرص المغتربون على تبادل التهاني والتبريكات فيما يبينهم بل وشملت تهانيهم وتبريكاتهم كل أنحاء العالم وتواصلوا مع الأهل والأقرباء والأصحاب في ارض الوطن حيث تكتظ شوارعه بعبارات الفرح والاحتفاء.. يتسابق الجميع إلى الاتصال بأسرهم وأهاليهم في اليمن السعيد، وتبادلوا معهم أطيب التمنيات وأحلى الأوقات مما جعل أيام العيد في أمريكا جسرا متينا – بالتأكيد- يقوي أواصر المحبة والإخاء بين المغتربين في بلد المهجر وشعوبهم في أرض الوطن. إلى جانب هذا كله فقد حرص الجميع على زيارة الأرحام وتفقد أحوالهم وتبادل المسرات معهم وقد تحلى الناس في يومهم هذا بعظيم الفرحة والسرور وظهرت ملامح البهجة على وجوههم، وحرص الأغلبية منهم على تقديم طلب أجازة في أيام العيد من الجهات والشركات التي يعملون فيها حتى يتمكنوا من إحياء يوم العيد بما يتناسب مع الأمر الواجب الذي يقع عليهم وإكمال العبادة براحة واطمئنان. وقد يعطي هذا مؤشرا ايجابيا للأجيال القادمة وخاصة الأطفال الأمريكيين من الأصول العربية والمسلمة الذين يجب أن يتعرفوا على كل الأشياء الأساسية في حياة الفرد المسلم وبما يخدم مصلحتهم ويحافظ على ثقافتهم وحضارتهم وتعود بهم كل هذه التفاعلات والأنشطة إلى عادات وتقاليد شعوب بأكملها- عربية أصيلة عريقة- لها ما لها من جل القيم والمبادئ الإنسانية السامية.. عرف عنها الجود والوفاء وحسن التعايش مع الآخرين وزرع كل ألوان المودة والإخاء والرحمة والتعاطف. ظهرت علامات كثيرة خلال الأيام الماضية تدل على حسن النوايا التي يتمتع بها هذا الشخص الأمريكي العربي المسلم الذي اخذ من أمواله وأعطاها لمن يحتاجها من الفقراء والمساكين وترك من وقته زمن للتزاور والتقارب مع أبناء منطقته.. وهكذا أبناء الجالية اليمنية في أمريكا يعيشون أيام العيد الواقع نفسه تقريباً في أرض الوطن. وزيادة على ذلك إن لديهم شعور آخر خاص بهم في المهجر ممزوج بشي من الشوق والحنين لكل تلك الأساطير في مدن الحب والجمال.. مدن الأنبياء والملوك، وربما في أنفسهم شيء من التعجب والتساؤل في حياتهم التي جعلتهم ساعة ينظرون إلى وطنهم فيغرقون في الحب والحنان والشوق للأوطان وساعة ينظرون إلى وطنهم الآخر ومحل اغترابهم فيتيهون في كل تلك المناظر والإمكانيات ويشعرون بأنهم أحسن حالاً من غيرهم على الأقل.. أنهم لم يكترثوا بأمور الحياة ومتطلباتها وهم يعيشون في بلد صناعي وزراعي كبير تتوفر فيه فرص العمل والتعليم أكثر من غيره . "الأمة نت"