في رواية مروان الغفوري الجديدة بعنوان “الخزرجي” أتوقف ابتداءً أمام العنوان، وكيف أن الاسم هو تميمةُ العمل، خاصة إذا عرفنا أن بطل الرواية “الخزرجي” ينتمي إلى عالم الصوفية الشعبية، وليس صوفية العرفان المؤصلة بالمعرفة والذائقة والخيال، وأستحضر في هذا الباب متوازياتٍ لأسماء دالة كانت قرينة الموالد، وهما مولدا “ البرزنجي” و« الديبعي» المنسوبان لاسمين كما أفترض. وعلى خط مُتَّصل “البُرعي” الشاعر الصوفي اليماني. وبهذا المعنى أرى أن السارد يعيد إحياء التداعيات الصوتية الألسنية للأسماء، ليومئ إلى اقتران هذه الممارسات الشعبية الفطرية بكثير من الخوارق والمعجزات التي تجد لها مسوَّغاً في أذهان العامة، وهو أمر عاصرناه طويلاً، وتجلَّى بأشكال مختلفة في حيواتنا الممتدة على مرابع المعاني الخارجة من عوالم الأساطير الواقعية. لكن الخزرجي لا يبدو سيد الموقف في الحكي، فالتناوب بين عناصر العمل يجعل الجميع يتناوبون الأدوار، كما لو أنهم جوقة في مسرح مفتوح يتَّسع للجميع، فيما يُلاحَق البطل المركزي بضوء ساطع، ودونما اعتلاء مطلق بمقامه السردي، فالسارد يفتح الباب لتأويلات متعددة تطال “الخزرجي” القادم من اللامكان، والذاهب إلى غيوب، سرعان ما تعود لتُنجز ملحمتها المُتَّصلة.. في أرض الواقع بالذات، وقبل أن ألج إلى الأبعاد الدلالية في الرواية أود هنا تسجيل بعض الاعتبارات الفنية ذات الصلة بالنص المكتوب، وأخص بالذكر أهمية أن يكون النص المكتوب موازياً لنص بصري يستوعب عتباته غير المألوفة .. أقصد أن النص المكتوب يتَّسع لفراغات إيحائية يكون فيها الديالوج موصولاً بالمونولوج، كما لو أنه مونودراما شفاهية.. وبالمقابل سنجد أن تراتب الضمائر محكوم بتعويم مقصود قد لا يتضح للقارئ غير المتآلف مع هذا النمط من الكتابة، وهنالك أيضاً تماوجات مقصودة بين الحوار والوصف، بالإضافة إلى مقالات مونتاجية ذهنية لا يسعفها إلا شكلٌ موازٍ من أشكال التراتب البصري داخل النص. قصدتُ.. أن يكون هذا التحرير البصري الإخراجي لصفحات النص عاملاً مساعداً لولوج القارئ إلى السرد ومقتضياته. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك