يبدو أن اللقاء المشترك قد أحس مؤخرا ً بحجم الهوة التي بدأت تتوسع أفقياً باتجاه رأس الهرم , كنت في مقالات سابقة قد تناولت الكثير من دواعي تفكك المشترك وانكفاء قياداته على اجتماعات دورية لم تعد مخرجاتها تواكب حجم وشكل المتغيرات التي تلت الثورة الشعبية , بينما تجد أن القواعد ومعظم وسائلها الإعلامية تسبح عكس التيار , خارج السياق والساقية معاً . عاشت أحزاب المشترك فترة صعبة ومعقدة كان بالرغم من كل ذلك تماهت برامجها وتواشجت أهدافها نحو هدف واحد كُلل بثورة أطاحت بنظام لم يألو جهداً في توسيع البينيات في كيان المشترك , لكن كل تلك المحاولات للخلخلة باتت عقيمة وقاصرة أمام مشروع وجد طريقه إلى وجدان الشارع فكان هذا الاصطفاف الرائع وأفرزت على إثر ذلك فسيفساء يحدوها مشروع كبير يلم شتات الحلم ويصهر مختلف الرؤى الوطنية في بوتقة واحدة . بيد أن تلاشي ذلك النظام وسقوطه بفعل الثورة لم يكن النهاية على كل حال , فتحول المسخ إلى مشاريع تفكيكية تنتشر من الأطراف وحتى الأطراف , وانتشار دخان الموت على ذلك النحو الذي نعايشه كروتين يومي يجعل من بقاء الحامل الأكثر كفاءة للمشروع الوطني أمراً غاية في الأهمية والحيوية, إنها مسئولية أخلاقية قبل أن تكون وطنية, تقع على عاتق المشترك . فمما لا شك فيه أن ثمة فراغات بينية أخذت تتكاثر وتتوسع منذ اندلاع الثورة في تركيبة اللقاء المشترك , وما فاقم كل ذلك هو عدم وجود التجديد الطبيعي والمنطقي لآليات العمل على الميدان, غياب تام لمواءمة ومواكبة التغييرات الضوئية التي حصلت على الساحة، ثورة خرجت من حيث لا تحتسب نخبة المعارضة والسلطة على السواء, كل ذلك الذهول من حجم التغيير الحاصل أدى إلى تفلت زمام الشارع وضياع بوصلة و محددات العمل المشترك لدى القواعد, وأدى إلى تراكمات أعادت إنتاج صراعات من أقاصي التاريخ وأطرافه، صراع الايدلوجيا والفكرة . ما وقع في أيدينا من بعض ملامح الاستراتيجية الجديدة للمشترك شيء جميل ورائع نتمنى اكتمالها في القريب العاجل والبدء في آلياتها, فبالرغم من تأخرها إلا إن الوصول المتأخر أفضل من عدمه, واقع الشحن الفكرى على المستوى الإعلامي الذي سيؤدي إلى كوارث وبالتأكيد سيكون المُتَفيد الأكبر منه – على كل حال – هم أرباب المشاريع الصغيرة ؛ لذا كان لزاماً بحامل مشروع الدولة أن يؤسس لخطاب إعلامي مسئول وبناء , يعزز المواطنة واحترام الآخر كواقع لا يمكن تجاوزه. مازال الشارع يعول كثيراً على مشروع المشترك في بناء الدولة بالرغم من نقص منسوب الثقة عما قبل , بفعل بعض المراهقات التي ترتكب هنا أو هناك من قبل مكونات المشترك ذاته , لذا فالمسؤولية تحتم تجاوز تلك الأخطاء وتفرغ المشترك ككتلة واحدة لمجابهة محاولات الالتفاف على الثورة , وتفكيك المشاريع الصغيرة التي تنتشر كالنار في الهشيم في الاتجاهات الأربعة للوطن. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك