بعد إعداد وتحضير ومخاض عسير استغرق قرابة العام بدأت بصنعاء أعمال مؤتمر الحوار الوطني الذي يمثل أحد أهم بنود المبادرة الخليجية..، والذي يعول عليه إخراج اليمن من أزماته وصياغة نظام سياسي ديمقراطي جديد يقوم على أسس العدالة الاجتماعية والحكم الرشيد وإعلاء سلطة النظام والقانون.. بدأ مؤتمر الحوار الوطني بمشاركة ممثلين عن كل أطياف العمل السياسي والمدني في اليمن وفي ظل أجواء لم يتم تنقيتها بالشكل الكافي، وما زالت تتحكم بمساراتها التصريحات والتناولات الإعلامية غير المسؤولة، التي ما زال يصر أصحابها على إبقاء اليمن واليمنيين في دائرة الأزمة، غير مدركين بأن مؤتمر الحوار الوطني يمثل الفرصة الأخيرة التي على ضوئها سيتحقق أحد أمرين لا ثالث لهما.. إما إنجاح الحوار والخروج الآمن من هذه الأزمة المزمنة، وإما اختلاق الاشكالات وإفشال الحوار والعودة إلى المربع الأول والذي سيقود هذه المرة إلى حرب طاحنة تحرق كل شيء أمامها.. لا طريق آخر أمام اليمنيين اليوم سوى الحوار الوطني الجاد والمسؤول والمدرك خطورة كل المشاريع الصغيرة وما تحمله من مآسٍ حقيقية على الوطن الأرض والإنسان.. اليمنيون جميعاً اليوم أمام لحظة فاصلة في تاريخهم المعاصر.. تستدعي كل أطراف العمل السياسي والمدني وفي مقدمتها وسائل الإعلام المختلفة التفاعل مع هذا الحدث التاريخي الذي سيغير خارطة اليمن السياسية والاجتماعية ويقود اليمنيين نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية، وان يكونوا على قدر من المسؤولية الوطنية لإنجاح الحوار الوطني.. وجميعنا يدرك الدور الذي يلعبه الاعلام في إدارة الصراع السياسي سلباً وإيجاباً، وتأثيره على الرأي العام المحلي والدولي.. وليس عنا بخافٍ الدور الذي قام به خلال العامين المنصرمين في تأجيج الشارع وإثارة الاحقاد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد تنفيذاً لرغبات سياسية وحزبية هدفها تحقيق مآرب شخصية وذاتية على حساب مصلحة الوطن وأبنائه.. وكما لعب الاعلام بوسائله المختلفة دوراً سلبياً في الفترة الماضية ، يتعين على وسائل الاعلام اليوم أن تتخلى عن لغة الاثارة والتأزيم وإشعال الحرائق، وتدرك مدى المسؤولية الموضوعة أمامها لا سيما بعد الاعلان عن ميثاق الشرف السياسي والإعلامي الذي اتفقت عليه منظومة العمل السياسي والاعلامي في ندوة «دور الاعلام في تهيئة أجواء مؤتمر الحوار الوطني ودعم عملية التحول الديمقراطي» التي انعقدت الخميس الماضي وأكدت التزامها بإنجاح الحوار الوطني الشامل من خلال رسالة اعلامية تعزز قيم السلام والحوار والوفاق والعيش المشترك.. لسنا بحاجة اليوم للعودة إلى الخطاب الاعلامي المتأزم الذي يصب الزيت على النار في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى خطاب اعلامي متزن يجمعنا ولا يفرقنا.. يوحدنا ولا يشتتنا.. ينورنا ولا ينفرنا.. خطاب اعلامي متجرد من كل الاهواء والمطامع الشخصية والحزبية والمذهبية والفئوية والطائفية.. نحن بحاجة إلى خطاب اعلامي يرمي بثقافة الكراهية والاحقاد بعيداًوينظر إلى اليمن الواحد الكبير بعين المسؤولية المتجردة من كل رواسب الصراعات السابقة.. ما نأمله أن يتمثل جميع الزملاء والكتاب الصحفيين ووسائل الإعلام المختلفة قيم البناء وثقافة الحوار والتصالح والتسامح كونهم المرآة الحقيقية التي تعكس ثقافة ووعي هذا الشعب.. فلنعمل معاً يداً بيد مع الخيرّين في هذا الوطن للخروج إلى بر الأمان وبناء اليمن الجديد الذي يتسع لكل أبنائه.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك