صدر قرار رئيس المجلس الرئاسي بتعيين سالم صالح بن بريك رئيساً جديداً لمجلس الوزراء خلفاً لبن مبارك الذي قدم استقالته من منصبه ، ويأتي التعيين في وقت حرج حيث تواجه البلاد تحديات متعددة تتطلب جهوداً سريعة وحاسمة على أكثر من مستوى وفي جميع الاتجاهات ، وهذا ما يلقي على رئيس الوزراء الجديد مسؤوليات قد تبدو ثقيلة تشمل ملفات سياسية واقتصادية هذا إن سلمنا أن الملف العسكري في الغالب تتركز مسؤولياته في المستوى السياسي الأعلى ، ومع هذا فلن تكون مسؤوليات الحكومة بعيدة عن المسؤوليات العسكرية والأمنية على الاقل في الجانب الإداري والمالي. في الجانب الاقتصادي تشكل مهمة استعادة تصدير النفط والغاز والذي توقف منذ أواخر عام 2022 أهم الملفات التي بمعالجتها يمكن أن يحدث تغيير حقيقي وفعلي لتجاوز الاشكالات الاقتصادية القائمة ، والمعلوم أن إعادة تشغيل هذه الصادرات يتطلب تأمين الموانئ والتوصل إلى تفاهمات مع الجهات الفاعلة لإفشال جهود المليشيات الحوثية لاستهداف الموانئ، ويتطلب ذلك ضغطاً محلياً ودولياً واسعاً وحقيقياً، ومع أن هذا الملف يتداخل فيه الجانب الاقتصادي بالعسكري وهو ما يعني حشد كل الجهود داخلياً وخارجياً لضمان حماية المنشآت الحيوية وفي مقدمتها موانئ التصدير للنفط والغاز .
في جانب آخر يعاني الاقتصاد اليمني من تدهور حاد حيث انخفضت قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية إلى مستويات خطيرة ، وارتفعت معدلات التضخم ، وعجز المواطنين عن تامين أدنى المتطلبات المعيشية ، وهذا ما يلزم الحكومة بإصلاح الوضع الاقتصادي والمالي بالعمل الدؤوب على تعزيز الاستقرار المالي وضبط سعر الصرف وتحسين الخدمات الأساسية في المناطق المحررة وفي مقدمتها الكهرباء والمياه والتعليم والصحة ، وكل هذا يتم عبر الجهود والسياسات الداخلية ، ثم بالتعاون مع الجهات المانحة ، مع وضع اعتبار لحسن إدارة المنح والهبات والمساعدات الدولية وتوجيهها نحو التنمية المستدامة .
وفي ظل هذا الوضع القائم فإن مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية يمثل أولوية قصوى، خاصة بعد التقارير التي تظهر بين وقت وآخر عن مخالفات مالية وسوء إدارة للمنح النقدية، وعدم ضبط الايرادات، وهذا ما يجعل من الأهمية بمكان تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد العامة.
على المستوى الخارجي فإن أهم المسارات التي يجب ان تسلكها الحكومة خلال قادم الأيام هي التركيز على تعزيز العلاقات وبناء الثقة مع المجتمع الدولي وفي مقدمتهم الأممالمتحدة والرباعية والدول المانحة لضمان استمرار الدعم السياسي والإنساني والاقتصادي، بالإضافة إلى تفويت الفرصة على جماعة الحوثي الإرهابية لاستغلال المبررات الانسانية للضغط على الشرعية لإجهاض اي قرارات او تحركات عسكرية أو اقتصادية كما حصل سابقا.
بالمجمل يمثل تولي بن بريك رئاسة الحكومة فرصة جديدة لإحداث تغيير حقيقي في الوضع القائم من خلال التركيز على الملف الاقتصادي والذي سيترك اثراً ايجابياً على بقية الملفات الحيوية، ولن يتأتى ذلك إلا بالعمل بروح الفريق الواحد مع كافة الوزراء والأطراف والقوى المؤثرة على المستويين الداخلي والخارجي.