كان الشيخ محمد بن سالم البيحاني اماماً وخطيباً لمسجد العسقلاني بمدينة عدن وهو مؤسس المعهد العلمي الإسلامي الذي تربى فيه أجيال من مختلف مناطق اليمن الذين كانوا يقصدون مدينة العلم والتنوير( عدن) حيث كان لا يسمح لمن ليس لديهم شهادة الميلاد العدنية( المخلقة) بالدراسة في المدارس الحكومية أثناء الاستعمار البريطاني وهذا المنع كان يشمل كل أبناء المحميات والسلطنات الجنوبية والقادمين من شمال الوطن آنذاك، فكان المعهد العلمي الإسلامي هو منبر التنوير والحاضن لهؤلاء جميعا ومعه كلية بلقيس بالشيخ عثمان ومدرسة البازرعة بكريتر وكان أيضاً مسجد الشيخ البيحاني منبرا للتربية والتعليم الديني يرتاده الكثير من محبيه وكان والدي رحمه الله احد الرواد الملازمين لحلقات الشيخ البيحاني وكنت في سن مبكرة فكان والدي يأخذني معه لحضور هذه الحلقات .... والأبيات التالية جزء من قصيدته المعنونة ( احن إليك يا بلد المعالي )التي قالها في مدينة تعز عام 1970م بعد أن خرج طريدا من مدينة عدن وهي تحكي تاريخاً مراً ومعاناة عاشتها عدن واكتوى بنارها الشيخ وكثير من أهل الفكر والرأي والمجتمع برمته مصوراً الحالة التي آلت إليها البلاد في تلك الحقبة من الزمن ، هذه الأبيات التي تكتب بمداد الذهب ما أحوجنا إلى أن نقرأها بقلوبنا وعقولنا حتى نتعلم منها كيف يكون حب الوطن الذي سكن قلب هذا الشيخ العظيم فإذا أحبننا الوطن بصدق وإخلاص وتفانٍ ، فلن تقف أمامنا أي مشكلة مهما كبرت ولن نسمح لمتسلط إن يعبث بالوطن ومقدراته وإنسانه فإلى هذه الأبيات التي هي نبضات قلب :- ولي في الأرض إخوان أعزاء كرام في الجنوب وفي الشمال ومنهم من يرى أني أبوه ويحسب نفسه أحد العيال ويعطيني من الدنيا كثيراً كموج البحر يزخر باللآل جزى الله الجميع عظيم أجر وكافأهم على طيب الفعال ولكن معهدي وله حياتي بذلت وما جمعت من الحلال وكنت أعيش في عدنٍ إماماً لأعظم مسجد وبه اشتغالي وحاشا أن تضيع جهود مثلي وقد أفنيت عمري في النزال ولست بخائنٍ وطني وديني وقومي يعرفون صحيح حالي وما واليت يوماً أجنبياً وللباغين ما أنا بالموالي ولكن من يوافقني اعتقاداً ويسعى مثل سعيي في المجال فذاك هو الصديق ولو بعيداً سواء كان خلفي أو قُبالي تجنبت السياسة منذ عهدٍ بعيدٍ واعتصمت بالاعتزال وما أنا بالبليد وليس يخفى عليَّ الصدق أو كذب المقال ولكني سأكتم بعض أمري وبعض الأمر تظهره الليالي لكي لا يحسب الجُهَّال أني أتاجر باتصالٍ وانفصال وما أنا بالذي يرتاد خبزاً وماءً بالمكارم والمعالي وكيف أبيع أوطاني وديني وعرضي بالقليل من النوال وكفي لا تُمدُّ إلى خسيسٍ ونفسي لا تعيش على السؤال وبيتي كان في عدنٍ مقراً وكنت أعده مثل القنال فللغرباء في بيتي مقامُ وللأضياف ممتلئ العدال وأهل العلم يجتمعون عندي لأمر العيد أو أمر الهلال وللوجهاء والأعيان يوم إذا اجتمعوا به للاحتفال لعقد الأمر في شيء مهمٍّ وفيه يُحَلُّ معقود العقال ومكتبتي تضم مؤلفاتٍ لتشفينا من الداء العضال فأين أنا وأين جميع هذا ؟ وأين القصر والغرف العوالي ؟ وهل ستعود أيام تخلَّت؟ و يا لله أيام خوالي نعم ستعود والدنيا بخيرٍ وأمرك نافذ يا ذا الجلال وشأن الخير أن يبقى دواماً وأما الشر فهو إلى الزوال ولست بقاطعٍ صلتي بقومي وإن قطعوا بلا سببٍ حبالي وإن جهل العدو عليّ عمداً ففي الأعداء مثل ( أبي رغال) رابط المقال علي الفيس بوك