الديمقراطية.. حكم الشعب نفسه بنفسه.. لكنها كانت عبارة عن ألعوبة سياسية منذ أيامها الأولى في أيام اليونانيين القدماء على أيام سقراط، وأفلاطون.. حيث ظلت ديمقراطية النبلاء “أي الحكام” والإقطاع الكنسي، وعلية القوم ممن يشتغلون بالعلم والفلسفة الذين كانوا يتداولون الحكم فيما بينهم من خلال انتخابات للمجالس التشريعية آنذاك.. لكنها لم تصل بالشعوب في تلك الفترة وما بعدها وتاليها، ولاحقها إلى الحكم.. فالشعوب كان ينظر إليها غير مؤهلة للحكم، ويجب أن تظل للمزارعة، والعمل في الجندية، وكعبيد.. وظلت الديمقراطية أسلوباً أو لعبة سياسية انتخابية تتداول من خلالها السلطة الطبقات الثرية والإقطاعية والنبلاء السلطة فيما بينها، أو تتقاسمها فيما بينها، حتى العصر الحديث حيث انتهج الغرب الرأسمالي الديمقراطية لتتداول العوائل الشركات الرأسمالية الحكم دون الشعوب، ومازالت حتى اليوم كذلك، وتسعى لتصدير القوى الموالية لها محلياً إلى السلطة، أو إلى إحداث فجوات وفتن تخرب وتدمر كما هو الحال عليه اليوم في الوطن العربي جراء “الفوضى الخلاقة” التي أنتجتها الديمقراطية الغازية. إن الديمقراطية الحقة هي التي توصل أبناء الشعب إلى الحرية، الحرية الكاملة، الحرية السياسية، والحرية الاقتصادية، والحرية الاجتماعية، والفكر والثقافة الاجتماعية والسياسية المتخلفة .. أن تحرر الإنسان فكرياً وثقافياً من التقليدية، والاستبداد، والعلاقات المتخلفة، والعلاقات الاقتصادية.. بل بشكل عام تحرير الإنسان من العلاقات الاقتصادية، والاجتماعية والدينية الابتزازية المستبدة.. فالحرية لا تتحقق إلا بالعدل، والمساواة في العلاقات الإنتاجية، والاجتماعية، وإنهاء التمييز والتفرقة بين الطبقات، وبدون ذلك لا يمكن أن ندعي أن هناك “حرية سياسية” وعليه فالديمقراطية تصبح عبارة عن ممارسة نظرية، وشكلية تحصر تداول السلطة في طبقات معينة رأسمالية، وإقطاعية، ودينية، وبالتالي تختص هذه الطبقات بالثروة والموارد الوطنية لنفسها، وموظفيها المدنيين والعسكريين الذين يمسكون بكبار الوظائف في الدولة. وعلينا أن نتصور لو وجد حاكماً عادلاً يتساوى عنده أبناء الشعب ويستثمر ثروات البلاد ومواردها لتحقيق الرخاء في العيش والصحة والتعليم، والخدمات، ويقوم بتنمية مستدامة توفر فرص العمل لمخرجات التعليم، ولأبناء الشعب، ويتساوى كل أبناء الشعب في الوظيفة العامة.. نعم مثل هذا الحاكم لو وجد فإنه أفضل من نظم ديمقراطية تحصر السلطة والثروة والموارد في يد عوائل وشركات وإقطاع وقوى دينية يحتكرونها لأنفسهم دون الشعب، مثل هذه الديمقراطية تظل للقلة، دون الأغلبية الساحقة من الشعب الذي سيعاني من الظلم والنهب، والاستبداد والبطالة والفقر، والمرض، والتخلف.. ويكفيه من الديمقراطية أن يذهب للاقتراع ويشرعن لهم السلطة والثروة والموارد.. فتباً لديمقراطية لا تكون للشعب. رابط المقال على الفيس بوك