إغفاءة قصيرة بددها رنين الهاتف معلناً موعد الالتحاق بأعضاء القافلة بأحد شوارع العاصمة صنعاء .. ثم المُضيّ للمطار حيث ابتلعتنا ثلاث طائرات عسكرية صغيرة ونحن غارقون في أثر النوم . لن أنسى تلك الطائرة التي مضغتنا جيداً قبل أن تلفظنا كجرادٍ صرعته الغازات السامة في مطار بدائيّ بمدينة صعدة . لكن لكلّ رحلةٍ ما يميزها عن سواها .. فهي المرة الأولى أرحل في طائرة هليكوبتر تخلو من المقاعد إلا ما ارتصّ بأحد جوانبها ما يُشبه مقاعد مقاهي الشاي بمدينة عدن . كنا جميعاً بيمين الطائرة بجوار بعض كالبطاريات التقليدية لمسجلة صينية .. وعلى شمال الطائرة خزان الوقود الذي أخذ نصف المساحة .. حيث ظللنا طوال المسافة متوجسين منه ومما يطويه بداخله . في الطائرة ضاعت أصواتنا وتلاشت في هدير محرك الطائرة .. وأصبحنا نتحدث بلغة الإشارة .. ونتبادل النكت من أذنٍ لأخرى ليضحك آخر المتراصين ، بينما صاحب النكتة يكون قد ذهب في متاهةٍ أخرى . ونحن في أجواء محافظة صعدة قبل أن نصل بدقائق حيث استقبلنا محافظ المحافظة .. ظللتُ ألاحق فجوة صغيرة يسمونها النافذة أبحلق في الأراضي الزراعية الشاسعة وهاجس خيرات البلد يطوف بداخلي حسرة على عدم تركيز أولي الأمر في البلد من تفعيل استخدام هذه المناطق وتلك بعموم الوطن لما يعود بالخير والنفع .. لأنها أرض خصبة مشهود لها بالعطاء لو تحققت سُبل استصلاحها بطريقة جيدة . الحديث عن صعدة قبل ولوجها يختلف كثيراً عن الحديث عنها فيها .. وبالتأكيد يختلف تماماً بعد الرحيل عنها .. فهي المكان السهل الممتنع .. والرصيد الهائل من عذابات الأحداث المُضنية . karwaaan_333@hotmail رابط المقال على الفيس بوك