كنت و ما زلت مناصرا لقضايا المرأة منذ عرفت نفسي ،وانا مع حريتها المستمدة من الأخلاق والقيم العليا ومن منهج الله الذي وهبها الحرية وسرقها عليها المجتمع بمرور الزمن، ومع مساواتها في الحقوق والواجبات وأمام القانون، ومع منحها الحق في الوظيفة العامة بلا تمييز في أي وظيفة من السياسة إلى الاجتماع والاقتصاد والتعليم، ولست إلا مع توليها المناصب العليا في الحكومة من رئيسة وزراء ورئيسة دولة. وأتت الثورة ورأيت مشاركة المرأة الفاعلة والمنظمة ،وقلت من اهم نتائج هذه الثورة ستأخذ المرأة حقها كاملا غير منقوص بلا فضل ولا منّة من أحد. وكانت اهم ملاحظاتي أن المرأة تحتاج إلى التدريب على الحضور السياسي والإعلامي بشكل اكبر وأسرع، ومن خلال استماعي عبر وسائل الإعلام لبعضهن وقراءة ما تكتبه بعضهن تأكد لي أن لدى المرأة قصوراً كبيراً في الجانب السياسي، وطروحات أغلبهن مازال فيه خلل مفاهيمي، حتى من تصدرن للثورة عندما اقرأ أفكارهن السياسية أجد أنها لا تزيد عن انفعالات أنثوية تجاه الوضع فيتعاملن معها بنزق لا غير. ولذا يحب إعطاؤهن فرصة ممارسة العمل السياسي بشكل كبير في الأحزاب السياسية ،وهي المدارس السياسية المتنوعة والموجودة لدينا، لكن للأسف هذه الأحزاب ليست سوى انعكاس للفكر المجتمعي المتحجر، البعيد عن التفكير بأن ثلثي المجتمع من النساء وانه ينبغي تأهيلهن لقيادته، وبدلا من هذا التفكير تساهم هذه الأحزاب بلا استثناء في تكريس تمكين رجالها دون نسائها في الحكم. كما أن حضور المرأة الحزبي في جوانب هامشية كقطاع المرأة عند الأحزاب، ولم تحصل على حقها كمشاركة في بناء تشكيلات الأحزاب في مختلف الجوانب والأطر التنظيمية، وأنا مدرك تمام الإدراك أن المجتمع سيتقبل المرأة في مختلف جوانب الحياة، لكن من يقودون المجتمع لم يحن لهم تشغيل عقولهم في هذا الاتجاه الحتمي. لكن المجتمع حتما لن يقابل مصادمة توجهه العام بأن تأتي بعض خفيفات العقول ويحتكرن النطق باسم المرأة بدون أية مقدمات منطقية ولا عبر اطر اجتماعية متعارف عليها، ولا عن طريق أحزاب سياسية موجودة، بل عن طريق منظمات تعمل في الظلام لا يعرف المجتمع عنها شيئا ، وبأسلوب لم يتعود عليه ومخالف لقيمه ومثله ومعتقداته. وما زاد الطين بلة أن بعض تلك النسوة كأنهن لم يعشن داخل المجتمع ولا يعرفن همومه ، وعند وصولهن بوابة مؤتمر الحوار تناسين كل أوجاعه، فخطبت إحداهن خطبة عصماء أخرجت فيها كل ما لديها من أفكار سطحية هشة، وقالت وقد بدأ على مظهرها التصابي المفرط : نريد مسرحاً وسينما ومتحفاً، ومع أن هذه مطالب بديهية واحتياجات طبيعية لكنها ليست ذات أولوية في ظل وجود عشرة ملايين جائع ومثلهم يعانون من البطالة والبطالة المقنعة تطال كل أجهزة الحكومة. ليتها تحدثت عن تخلف المرأة ،ونقص تعليمها ،واحتياجاتها الأساسية، المرأة في اليمن يا سادة لا تجد حماما عاما لها، ولا يوجد في الجامعات ولا في الوزارات ولا المؤسسات ولا في المساجد حمامات للنساء، المجتمع لا يعترف بوجودهن أصلاً ولا الحكومة أيضاً في مثل هذه الأماكن، مما يضطرهن للإقلال من شرب الماء لتجنب هذه المسألة، واختنا في الله المرفهة الغنية تريد المدنية تبدأ بالمسرح، على غرار “اذا ما بوش ذرة عندكم صلحوا لحوح”. المرأة التي تمثل نفسها وصديقاتها الحميمات وأصدقاءها المقربين فقط انطلقت من اهتمامها العام بالشعر والقصة إلى قيادة لجان الحريات والدفاع والأمن وصعدة، مشاركتهن بفاعلية مطلوبة، لكن القفز على الواقع لا يخدمهن أبداً، ولا يعلي من شأن المرأة ،وهو تحدٍ لذاتها وقدراتها الأقل من متواضعة، ومع ذلك هناك قبول مجتمعي بهن وهذا شيء جيد ،لكن تصوير البعض أن هذه الفقرة بالذات هي معركة المرأة اليمنية مع المجتمع شيء خاطئ ،ولا يستحق الالتفات إليه أصلاً. فمعركة المرأة ليست لأجل الحصول على رئاسة لجنة أو المشاركة المشروطة بالكوتا و30% ، معركة المرأة الحقيقية التي يجب أن تنتزع فيها حقها من المشاركة العامة بفاعلية في كل قضايا المجتمع وليس الانتصار في معارك وهمية مدفوعة الأجر من قبل طرف لا يؤمن بحق الحياة للمواطنين ويقسم الناس إلى قناديل وزنابيل ومازالت نقاشات طويلة فيه هل طنينه شهيد أم لا ؟ ولماذا تقنع النساء بتمثيل اقل من حجمهن الطبيعي ، ولماذا لا يتم تمثيلهن بنسبة عددهن في المجتمع، أو بنسبة لا تقل عن 50%؟ ولماذا المضي فقط خلف ما ترسمه المنظمات الدولية من نسبة التمثيل وليس من منطلق الوجود الحقيقي في المجتمع؟ أنا لا اتحدت هنا عن تمثيلهن في مؤتمر الحوار بل عن تمثيلهن في كل القطاعات الحكومية مناصفة مع الرجال وفي مختلف المؤسسات وكذلك القطاع الخاص، اذا اردنا تنمية حقيقة يجب أن يساهم كل أفراد المجتمع في صناعتها رجالا ونساء. باختصار شديد محاولة ظهور البعض عبر التسلق باسم المرأة للحصول على مكاسب مادية ووقتية أمر يسيء للمرأة ذاتها، ولن تقبله المرأة اليمنية التي نرى أنها أحق بتمثيل نفسها في المجتمع وفي كل مؤسسات الحكومة، وانا أتطلع إلى ثورة المرأة على التقاليد البالية وعلى تحويلها إلى مسخ يعرض خدماته المدفوعة الأجر، وارى أنها هي من ستقود نهضة هذا البلد المنهك قبل الرجل نفسه. رابط المقال على الفيس بوك