خلال العشرين السنة الماضية كانت التوجهات في كثير من بلدان العالم النامي نحو تحرير السوق، وتحرير الاقتصاد، وتخلي أو إخلاء الحكومات من مسئولياتها الاقتصادية، والاجتماعية، وذلك سعياً لإرضاء القطب العالي الأوحد الذي ضغط بشدة وبالترهيب والترغيب لفرض أجندته على الشعوب المستضعفة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن الماضي الذي كان يمثل قطباً دولياً في مواجهة القطب الرأسمالي يحمي بها البلدان النامية واقتصاداتها الوطنية من الهيمنة والسطوة الرأسمالية الإمبريالية.. فخلال الثلاثة والعشرين عاماً الماضية تخلت دول العالم الثالث في ظل القطب الواحد عن اقتصادياتها الوطنية، وهدمها بدعوى تحرير السوق والاقتصاد وإنهاء رأسمالية الدولة بداعي التخلي عن الشمولية والتوجه الديمقراطي وكل ذلك زيف في زيف حسب ما ثبت خلال العقدين الماضيين من فوضى عالمية سياسية واقتصادية واجتماعية وتنافي ذلك مع حقوق الشعوب في اختيار نظمها السياسية والاجتماعية، والاقتصادية دون تدخل من أحد.. حسب المواثيق والقوانين الدولية. بعد التجربة المرة مع القطب الواحد، الذي أراد أن يفرض أو فرض على العالم نظاماً واحداً هو النظام الرأسمالي عكس ما يدعيه من ديمقراطية وحرية، لأن فرض نظاماً واحداً، هو استبداد، ودكتاتورية، وانتقاص، بل إلغاء لحق الشعوب في الحرية والديمقراطية التي تؤكد أن الشعوب هي التي تختار أنظمتها، وكل شعب حر في اختيار النظام الذي يريده.. وعليه فمن حق الشعوب النامية، والشعوب العربية، والشعب اليمني أن يعيدوا النظر في تحرير السوق وإلغاء مسئوليات الدولة الاقتصادية والاجتماعية. ومن هنا، وبما أننا في اليمن نقوم من خلال “مؤتمر الحوار الوطني” بإعادة صياغة نظامنا، وتصميم دولتنا المستقبلية علينا أن نركز وأن يستعيد للشعب السلطة، والثروة، والموارد، ويؤكد على إعادة بناء الاقتصاد الوطني وفقاً لما يلبي خدمة المجتمع وتلبية متطلباته واحتياجاته وتطلعاته لرفع مستوى دخله ورفع مستواه المعيشي والخدمي بصورة مستدامة، وذلك بتوظيف ثروات وموارد المجتمع لتحقيق ذلك عبر تحسين ورفع مستوى دخله الشهري، وتنفيذ تنمية مستدامة توفر فرص عمل عمالية، وفنية، وإدارية، ومهنية، ومكتبية.. للقضاء على الفقر بالقضاء على البطالة واستيعاب مخرجات التعليم الذي يحب أن يكون تعليماً متطوراً مخططاً ومرتبطاً باحتياجات السوق، تعليماً تتوافر فيه تكافؤ الفرص لجميع أبناء الوطن دون تمييز وتفريق. ومن المهم أن تؤكد الصياغة، والتصميم للدولة المستقبلية على أهمية إعادة دور الدولة ومسؤوليتها في العملية الانتاجية من خلال المؤسسات العامة والمساهمة والمختلطة في القطاعات المختلفة الصناعية والزراعية والتعدينية، والحيوانية والسمكية والاهتمام بالمشاريع المتكاملة وستضرب عدة عصافير بحجر واحد، على أن تتبعه سياسة واضحة تجعل من القطاع الخاص شريكاً في التنمية ومساهماً في بناء الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف الخطط التنموية.. حتى يستحق النعت بالرأسمالي الوطني. رابط المقال على الفيس بوك