هناك من يتحول إلى أبواق فارغة لآخرين, يحملونهم أينما ذهبوا. يتحدثون بأسمائهم، ويطرحون آراءهم، ويعبرون بما قالوه ويستدركون بعباراتهم، ويستلهمون تفكيرهم. يرون أن هؤلاء لا يخطئون مهما كانت الأسباب أو المبررات, فهم مبجلون عن الخطأ، وبعيدون عنه. هؤلاء يسعدون بمن يقودهم كثيرا، لأنهم غير قادرين أو مؤهلين للقيادة, وفي نفس الوقت لا يتمتعون بالحياة أو جمالياتها، ولا يتركون الفرصة لعقولهم بأن تعمل وتحلل وتفكر، وتعطي الهدف من وجودها، لأن من يبحث عن نفسه، أو يحاول إيجاد مكانة لها وسط متناقضات الحياة لابد أن يجاهد نفسه، ويتعب، ويكتشف من حوله بالجهد والعمل، والتفكير، والبحث، وليس الانسياق خلف من يسمعه أو يقول له، أو حتى يقرأ له. ومع ذلك حتى مسألة الانسياق إلى الآخر أو خلفه، والتعود على أن تكون تحت القيادة يأتي متعدد الأسباب لعل أهمها المصلحة، واعتبار هذا القائد مؤقتاً حتى يأتي غيره، فهو الذي يكون دائماً على صواب، ولا يخطئ، وهو المحق في كل شيء ولكن بمجرد مغادرته وحضور غيره، تتحول كل تلك الصفات إلى الجديد، وهو النوع هو الرغبة في القيادة من أجل المصلحة. وآخر يكون نموذجه من منطلق استنده، أو زمالة، أو حب وانتماء دون مبرر أو لأسباب أيدلوجية، أو ثقافية مشتركة، فيكون هو النموذج ومن خلال هذا الإيمان بالنموذج تكون هناك رغبة طاغية لنشر أفكاره، وطرحها، والترويج لها، والاعتراض الكامل على من يعارضها، أو يتوقف أمامها، أو يعترض على مسلك خاص له. هذا الحب يكرس المثل الذي يقول (من نحبه نبلع له الزلط، ومن نكرهه نوقف له على الغلط). على اعتبار أن أي موقف خاطئ مهما كان حجمه تكون له مبرراته، وأسبابه والفرصة لمناقشته، وهو ما يعطي للعاطفة دوراً كبيراً في تحليل الأمور، ومناقشة الأفكار والقضايا الكبيرة، طالما يصر كثير من الناس على أن يكونوا مُقادين دائماً حتى لا يرهقوا أنفسهم بالتفكير أو التوقف، وأيضاً الانطلاق من فكرة أنا أتبع النموذج الفلاني، أو أنتمي له دون وعي أو حس صادق بهذا الانتماء أو مفهومه، في ظل غياب الانتماءات الحقيقية لما هو أهم وأعمق. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك