في زمن التكتلات والإعلام الموجه والمضلل، تطل قناة الميادين اللبنانية لترث دورا إعلاميا رياديا كان حتى ثلاثة أعوام على الأكثر حكرا في منبرين إعلاميين كبيرين في المشهد الإعلامي العربي هما قناتا الجزيرة القطرية والعربية السعودية. قياسا بالضخ الإعلامي الموجه والملوث الذي تبثه قناتا الجزيرة والعربية، تُقدم الميادين اليوم إعلاما نظيفا في رسائل فيها الكثير من الإعلام والمعرفة وبناء الوعي الجمعي . تقدم الميادين إعلاما نظيفا لا يتعمد صناعة أزمات، ولا يتعمد حشر العقل العربي في نطاق انهزامي يعطل العقل ويكبح الطموح، ويحشرهما في خندق الهزيمة والريبة من كل شيء. في كل مرة أقلب الريموت كنترول فأجد “الجزيرة” بعيدة عن الحدث، سائر كاميراتها ومراسليها منكبة في اعادة انتاج ما تبثه قنوات اليوتيوب في شأن الأزمة السورية واعادة انتاج المادة التي يضخها الإعلام المضل لما يسمى المعارضة السورية. أجدها في أحيان منكبة في بث رسائل التحرش بالدول الغارقة في المستنقع السوري، وفي أحيان تقتصر رسائلها فقط لممارسة ضغوط على الحكومات في بلدان الربيع العربي. الجزيرة التي لا تزال تطمح بأن تدرب الصحافيين في العالم العربي، لكي يتحدثوا بلغتها لا شك تمتلك طاقم تحرير مؤهلا، لكنهم وكما يبدو يعملون في ظل قيود سياسية. هؤلاء يعرفون أكثر من غيرهم أن المادة التي تبثها القناة ليست إعلاما ولا أخباراً ، بل سلعة تفرضها أولويات سياسة الإمارة الصغيرة في صناعة الأزمات. تغيب الجزيرة كما حال العربية عن أحداث كبيرة ومهمة ينتظر المشاهد أن يعرف تفاصيلها و أبعادها ونجدها في أحيان تتجاوز أحداثا كبيرة ومهمة يُفترض أن تكون في مقدمة نشراتها وفي أحيان نجدها تغرق في التضليل وتكرر انتاج المادة الإعلامية بطرق فجة، فتحيي الموتى في السياسية وتميت الأحياء، وعندما تخرج عن النص نجدها تتنج رسائل أزمات. شاخت قناة الجزيرة سريعاً ولعن الله السياسة التي جعلت من إمارة قطر تضحي بهذا المنبر الإعلامي والرصيد الهائل الذي بنته القناة مدى سنوات طويلة مع مشاهديها في العالم العربي. ما من شيء يستحق الذكر في ما تبثه قناة الجزيرة سوى في رجع الصدى لدى المشاهد والذي يعبر عنه كثيرون بحال الضيق وفقدان الثقة بهذه القناة التي كانت يوما منبرا. الغث الذي تبثه الجزيرة والعربية وغيرها ساعد إلى حد ما، قناة الميادين اللبنانية وهي قناة خاصة يملكها الإعلامي اللبناني غسان بن جدو، لبناء جسور الثقة مع مشاهدي هذه القنوات. لن أبالغ إن قلت إن قناة الميادين استطاعت في فترة قياسية أن تستحوذ على إرث هذه القنوات من المشاهدين في المنطقة العربية، والعدد المحدود لبرامجها وإمكاناتها القليلة، لن يكون عائقا لأنها تقدم إعلاما نظيفا يشبه كثيرا المواطن العربي بهمومه وآلامه وتطلعاته. تخطت قناة الميادين في ظل إدارة الإعلامي غسان بن جدو، موانع كثيرة واستطاعت أن تصنع لها موطئ قدم، في فترة قياسية وحققت نجاحا لم يسبقها اليه أحد، وهي اليوم تجذب مئات الآلاف من المشاهدين في قناتها ومثلهم في موقعها الإلكتروني. ونتحدث هنا عن أرقام فلكية تحققت في فترة قياسية للغاية، وبإمكانات لا تزيد عن التي يملكها مكتب أو مكتبين من مكاتب قنوات الجزيرة المنتشرة في دول العالم. هذا النموذج يقدم دليلاً حياً على خطأ من يعتقد أن المال وحده هو من يصنع المنابر الإعلامية الكبيرة. على هؤلاء أن يتأملوا الطاقم الصغير لقناة لميادين والذي يبدو للناس كبيرا جدا لأنه يعرف ماذا يفعل وما الذي يريده المشاهد ويعرف أن المطلوب منه هو رسالة إعلامية نظيفة تلبي حاجات المشاهد لا حاجات السياسة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك