اهم ما يميز العرب في اختلافهم على غيرهم من الاقوام هو ازالة واذابة القواسم المشتركة فيما بينهم بمجرد اختلاف الرأي وتنوع وجهات النظر مما يجبرهم على الوقوف في ضفتي نهر لا تلتقيان ابدا لا تلبث ان تتحول الى خصومة فاجرة رغم انهم يسمون « امة وسطا » .... لا يمكننا كعرب ان نؤمن على ان الحقيقة هي امر نسبي فربما ان القضية التي ينظر لها الشخص من زاوية معينة تكون من تلك الزاوية مثلما هي صحيحة ايضا للذي ينظر لها الشخص من زاوية اخرى تتقاطع معها في نقاط معينة .... نحن تعودنا على ثقافة يا ابيض يا اسود ثم نفجر في خصوماتنا ... لنأخذ مثال حي على الواقع العربي الحالي وهو سوريا ... ترى اليوم الناس انشقوا الى نصفين بين مؤيد ومخالف للذي يحدث وسلاحهم الوحيد التخوين والتمترس خلف الأوهام والسباب اللاذع .... فإما ان تكون ثائراً و ترضى بتدمير دولة كانت على الساحة العربية يمكن تسميتها عظمى وتخضع الآن لتدمير ممهنج يستهدف في الاساس سوريا الدولة او ان تكون ممانعاً ومقاوماً و تكون مؤيداً للمجازر التي تحدث في سوريا تحت يافطات متعددة ومبررات واهية .... بمعنى اننا يمكن ان نقدم انفسنا للغرب على اطباق من ذهب لا لشيء الا لأننا نختلف في فهم قضايانا الى حد بيع انفسنا للأعداء .... فلا يمكن لأحد ان ينكر ان الاستبداد السياسي وكبت الحريات كان في سوريا كان متجذراً بشكل صارخ كما لا يمكن لأحد بعد اليوم ان يتحدث عن سوريا القوية الموحدة سوريا التعايش والانفتاح والتنوع ... لماذا نحشر انفسنا دائما في ثنائية لعينة بين الايمان والكفر بين السنة والشيعة بين الصالح والطالح بين الخّير والشرير .. لماذا لا ندرك اولا ان انسانيتنا تجمعنا قبل ان نختلف في مذاهبنا او ادياننا او طوائفنا ... ان اغلب ما يعاني منه العرب اليوم هو عجزهم عن الخروج من القوقعة التي حشروا انفسهم فيها والذي يزيد تقوقعهم داخلها يوما بعد آخر .... فأنت مثلا لا يمكن ان تكون انساناً منفتحاً بقيمك الاسلامية السمحة التي تحفظ لك خصوصيتك وتمنحك مواكبة العصر فانت مجبر إما ان تكون منتميا الى الصحراء والعبث والجهل لكي تؤكد التزامك او تكون منحلا لكي تثبت انفتاحك ... اعتقد ان الشخصية العربية تعاني حالة فصام تزداد تعقيداً مع الحالة التي ولدت من جراء الثورات العربية التي كان الحري بها او المفترض ان تخلق فرزا اجتماعيا جديدا بينما على الارض نرى انها ساعدت على ظهور تقسيمات افقية جديدة وطبقية كانت مستهدفه بإزالتها اولا .... لا يمكنني الا ان اختم بمقولة للإعلامي الكبير اسعد طه : “ وقد قامت الثورة لتؤمن للناس فرصا وافرة لتبادل الاتهامات والسباب” متى سنرى منابر المساجد تتحرك خارج نطاق الدعوة على المختلف وترك الكراهية كسلاح وحيد لا يبدو انه يمكنها التخلص منه على المدى القريب . رابط المقال على الفيس بوك